يشعر الكثيرون بأنهم مهزومون وقد يكون الأمر جد بسيط، وتكون الأمور لا تحتاج إلى تعقيد، البعض يعتبر الرسوب الدراسي هزيمة تكبده اهتزازات نفسية جائرة، وأحياناً يكون الفشل في العمل أو التجارة هزيمة بالنسبة للبعض ما يغير حياتهم قهقرياً..
بعض الهزائم واضحة جلية تتأثر بها شعوب وحكام وقد تكون نتائجها كارثية، كما هزيمة السعودية في اليمن خسارة مزدوجة عسكرياً إنسانياً، واقتصادياً على البلدين والمستفيد بائع الأسلحة الذي أفرغ كساد مستودعاته وقبض الثمن من دم الأبرياء.
تُبنى على الهزيمة زيادة خبرات المخططين للحرب القابعين في غرف العمليات كما الضباط الأميركان بحجة حماية الحدود السعودية، و(البقرة الحلوب) كما وصفها ترامب تتحمل الكلف المالية لحرب خسّرتها معظم مقدراتها، لأجل مصالحهم.
وغيرت معالم كثيرة فيها، بدءاً من الخطاب الإعلامي وإدخال الدبلوماسية في إدارة الحرب، وإجبار السعودية على انفتاحات معينة، في المنحى العام هي إيجابية، لكنها لم تصدر بقناعتها وإرادتها، بل مرغمة عليها وهذا ما يضع شارات استفهام مقلقة؟.
اعتراف صرح به بلينكن وزير الخارجية الأميركي؛ مفاده لا يمكن لأميركا أن تربح في هذا العدوان، فقد انعكست نتائجه على الداخل الحزبي الأميركي، برفض الحزب الديمقراطي الاستمرار بهذه الحرب لأنها عمل إجرامي ضد بلد لم يعتدِ على أحد.
الاستراتيجية الجديدة لولاية بايدن أكدت وقف العدوان ضد اليمن، ولحراجة موقف صديقها اللدود محمد بن سلمان، واهتمامها بالحفاظ على عرشه، لأنه من أعلن بدء الحرب على اليمن، وحرصاً منها لحفظ ماء وجهه من الهزيمة، وضعت خطة استراتيجية للحل السياسي على مراحل ثلاث:
تبدأ بوقف إطلاق النار، ثم الدخول بمفاوضات والمرحلة الأخيرة رفع الحصار.. الحصار الأحادي غير الشرعي الذي تمارسه السياسة الأميركية، ليس على اليمن وحدها، بل على سورية وبشكل جائر، وعلى إيران، وحتى على روسيا الاتحادية.
كان ترامب أكثر الحمقى والمتشددين في فرض هيمنة الحصار؛على دول العالم التي تستفزه في عدم قبول تحقيق مصالحه فيها، مفترضاً أن رئاسته للولايات المتحدة، رئاسة لواحدة من شركات البزنس التي يمتلكها؛ ويديرها بعقليته التجارية الرقمية.
لعل من حسن الطالع للسياسة الأميركية أو سوئه، أن تستشعر هزيمتها فيما قامت به من حروب، ضد شعوب لم تسء لها يوماً. محاولة إسقاطها أو إضعافها، أو تفكيك قواها الداخلية، لمنعتها واعتزازها بقرارها السيادي وامتلاكها حريتها. بينما الهدف الأميركي الهيمنة عليها وامتصاص خيراتها الذاتية. سورية وإيران خير مثال لذلك.
على إثر استشعار الهزيمة، غيرت الولايات المتحدة الأميركية أولوياتها، حتى مع شركائها وحلفائها، إنْ في الحرب على سورية، أو صراعها النووي مع إيران، أو حربها في أفغانستان، وهي التي تشعل حروباً غير ذات منطق لبيع سلاحها وتجربة الجديد والحديث منه، على غير أرضها. كما فعلت في هيروشيما وناغازاكي، غير عابئة بنتائجها الكارثية على البشرية.
السؤال الآن هل تدرك أميركا ما سيترتب عليها من هزائم بعد هزيمتها العسكرية في سورية، أجل هزمت لأنها لم تستطع بالحرب الضارية أن تنال من سيادة سورية وعزيمة جيشها وصمود شعبها.. هل تقدر هزيمتها فيما لو زجت نفسها في صراع مع الصين الذي تلوح به، أو من مناوراتها دبلوماسياً مع إيران..
تبقى الهزيمة هزيمةً لا تجميل لها وهي في سورية متلاحقة فبعد الهزيمة المنكرة لما دعي بالحرب الأهلية، هزم الإرهاب ومن احتضنه، والهزيمة الآتية على الفاسدين، تحقيقاً لإرادة الشعب المنتصر مع جيشه عسكرياً. لأجل تحقيق نصرٍ اقتصادي يبدأ ببتر يد الفساد، (فلا إرادة فوق إرادة الشعب).. طيب الله ثراك حافظ الأسد..
إضاءات- شهناز صبحي فاكوش