يكره الجميع الحرب أياً كانت، بسبب انعكاسها على البشر إنسانياً.. إلا أن الوقائع تفرض على بعض الدول الدخول في حرب اضطرارية لدرء خطر داهمها، أو لصد عداء فُرض عليها كالذي فرض على سورية، بسبب الإرهاب الذي شاركت به أميركا وحلفاؤها بحجة ضربها له.
أميركا تحشر أنفها في معظم دول العالم، للسيطرة على قياداتها وقراراتها، ولتثبت أنها القطب الأوحد، المتحكم بمصائر الشعوب، خاصة بعد تفكك دول الكتلة الشرقية، وأهمها دول الاتحاد السوفييتي، التي كانت أوكرانيا المصطنعة المتاخمة لروسيا الحالية جزءاً منه.. مصطنعة لأن أوكرانيا في الأصل وللحقيقة التاريخية، هي (ماليا روس) جزء من كتلة أساسية تضم روسيا، وماليا روس، وبيلاروسيا الحالية، إذاً لم يكن هناك ما يسمى أوكرانيا، فهي جزء من روس التي دعا بسمارك موحد ألمانيا، إلى تقسيمها عام 1871 لكي يتحكم بأوروبا.
(روس) كانت دوماً مستهدفة من الغرب، كائناّ من كان قادته، وكانت تضم كييف وبعض الأقاليم الصغيرة المحيطة ولم يكن لها منفذ على البحر، ضمّ لينين لها بعض الأقاليم الشرقية والشاطئية أوديسا وغانسك، وضمّ ستالين أقاليم غربية، ومن صربيا ورومانيا مناطق سكانها روس ألحقها بأوكرانيا الاشتراكية، بقرار من مجلس السوفييت الأعلى موجعاً بذلك هتلر الذي أركع أوروبا.
أميركا التي تعمل مُنَفِّذاً للعقل البريطاني الاستعماري المدبر، القائم هدفه على التوسع والخراب العالمي، أرادت إدخال أوكرانيا في حلف الناتو، لتزرع فيها قاعدة صواريخ على حدود روسيا مهددة أمنها القومي، وبذا تتدخل في تفاصيل السياسة الروسية وتضغط بالعقوبات كلما شاءت.
هذا ما لا تقبله أي دولة تحت أي مسمى ففي حال أي تحرك ضد روسيا سترد حتماً، ويتدخل الناتو، عندها تتوسع الحرب العالمية ثالثة، وستكون عندها طاحنة، يكون فيها الموتى أرقاماً والأحياء بلا حياة، لذا استبقت روسيا مضطرة للتحرك ضد الحكم الصهيوني في أوكرانيا..
الآن تعمل البروباغندا مع الخوذ البيضاء بتجهيز السيناريوهات المفبركة كما فعلت في سورية إعلام أميركي وغربي وعربي متصهين، يروع الناس بأنها حرب شاملة إرضاءً لأميركا التي تخشى من القوة الروسية والاقتصاد الصيني، وتهدد بتدخل الناتو حيث لا تستهويها قوة غيرها
أميركا تعتبر وجودها احتكاري للعالم، وبحجة الحرية والديموقراطية الزائفة تتدخل في شؤون الدول، فأوكرانيا بالنسبة لها منجم الثروات، ومخزن الحبوب، وطوق الضغط على روسيا، وبالهيمنة عليها تسيطر على أوروبا، وتصدر أزمتيها المالية والاقتصادية، وديونها الضخمة.
يفبرك الإعلام الآن خبراً كل عشر دقائق، كما كانت تفعل في الحرب على سورية، ليكون الخبر الأول إعلامياً، وبذا تبتعد عن أخبار التضخم المالي الذي يضرب الاقتصاد الأميركي.
أينما تجد الخراب الذي تسببه أميركا ابحث عن بريطانيا (كيسنجر) فكلتاهما تعتاش على كذبة الديموقراطية.. ما كان لبوتين الذي سحب قواته إلى مرابضها بعد التدريبات الأخيرة نية الحرب القائمة حالياً، فليس التوسع الأميركي يستهويه، مفوتاً على بايدن شيطنته التي روج لها، لكنه أصبح مضطراً لها، حرب كره الدخول فيها، لكن إدخال الأسلحة الأميركية والإسرائيلية بكثافة لأوكرانيا جعله يتحرك للدخول في حرب صغيرة، درءاً لحرب توسعية عالمية مدمرة..
الطاقم الصهيوني الحاكم في أوكرانيا وعلى رأسه صاحب القلنسوة التي لم يضعها نتنياهو عندما زاره، وحدها تثبت أنهم أرادوها (إسرائيل) ثانية على حدود الروسي، الذي ساند سورية في حربها ضدّ الإرهاب، كتلك التي تحتل الجولان.. وتظاهرات الصهاينة ضد روسيا في فلسطين المحتلة، وحدها تعطي الصورة الحقيقية لمن يستلب حكم الشعب الأوكراني الطيب..
المؤامرة واحدة والنتائج توضحها المعارك.. لكن الحرب مهما كانت تكرهها الإنسانية، وتكره محراك شرها والمسبب الأميركي الأساس لها، وكذا من يلف لفيفها.
إضاءات- شهناز صبحي فاكوش: