الثورة أون لاين – راغب العطيه:
تعد الحروب على الشعوب والدول المستقلة من أكبر الانتهاكات التي ترتكبها الدول الاستعمارية بحق الإنسان وإنسانيته وحقوقه، فكيف إذا رافقت تلك الحروب جرائم قتل وتشريد واعتقال وتدمير وخراب كما فعلته الولايات المتحدة الأميركية في أفغانستان والعراق؟.. لكن الانتهاك الأكبر هو سكوت وصمت المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية المعنية بمتابعة هذه القضايا عن هذه الانتهاكات وترك مرتكبيها يسرحون ويمرحون دون حسيب أو رقيب، ونخص هنا منظمة الأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها المعنية بتطبيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وفي مقدمتها مجلس حقوق الإنسان.
وبقيت هذه الهيئات الدولية المهمة محيدة عن ممارسة دورها القانوني والإنساني بسبب الهيمنة والبلطجة الأميركية التي تمارسها على الدول الأعضاء على مدار أكثر من عقدين من الزمن، وخاصة بعد هجمات الحادي عشر من أيلول التي اتخذتها الإدارات الأميركية كمبرر لحروبها العدوانية على الدول وكل فظائعها وجرائم الحرب التي ارتكبها الأميركيون في العديد من الدول وخاصة في أفغانستان والعراق.
فبعد 11 أيلول أصبح الخطف غير القانوني واحتجاز وتعذيب الناس من قبل السلطات الأميركية ممارسة يومية وشبه عادية تحت مزاعم ما يسمى حماية الأمن القومي الأميركي.
ويعد معتقل “غوانتانامو” الواقع في القاعدة البحرية الأميركية في كوبا الذي أنشأته الولايات المتحدة بعد غزوها لأفغانستان من أبشع المعتقلات حول العالم على الإطلاق، اذ يُحتجز فيه الأفراد إلى أجل غير مسمى، وفي ظروف سيئة دون أي تهمة أو محاكمة، بشكل يخالف “اتفاقية جنيف”، وحتى الدستور الأميركي نفسه بتعديليه الخامس والرابع عشر، وقد ارتكب الجيش الأميركي ووكالة المخابرات المركزية “سي آي أيه” انتهاكات صارخة بحق المعتقلين في هذا المعتقل، بما في ذلك الاعتداء الجسدي والتعذيب والاغتصاب والقتل، واعتبرها الرؤساء الأميركيين مجرد حوادث فردية ومنعزلة.
كما يوجد لدى السلطات الأميركية العديد من معسكرات الاعتقال والسجون الأخرى في أنحاء العالم لا تقل بشاعة عن سجن غوانتانامو وسجن أبو غريب في العراق، بالإضافة للسجون العائمة في المياه الدولية والسجون الطائرة، والتي يتم فيها تجاوز القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بعيدا عن أي مراقبة أو محاسبة، ناهيك عن الانتهاكات وجرائم الحرب التي قام بها الجنود الأميركيون بحق المدنيين الأفغان وغيرهم خلال احتلالهم للأراضي الأفغانية.
وعليه فإن محاسبة الجيش الأميركي وشركائه في العدوان على الأفغانيين وغيرهم، لهو مطلب مشروع تجيزه جميع القوانين والشرائع الدولية، ودعوة الصين أمام الجلسة الطارئة لمجلس حقوق الإنسان لمحاسبة الجيش الأميركي ومعه جيوش التحالف الدولي على انتهاكاتهم وجرائمهم التي ارتكبوها في أفغانستان خطوة بالاتجاه الصحيح تستلزم خطوات أخرى، فهل نشهد محاسبة للأميركيين وشركائهم الذين استباحوا واعتدوا على الدول الأخرى ذات السيادة بما فيها سورية تحت ذريعة نشر الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، أمام المحاكم الدولية المعنية بتنفيذ العدالة الدولية، خاصة وأن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي قررت في مطلع آذار 2020 فتح تحقيق في جميع الانتهاكات في أفغانستان، بما فيها انتهاكات القوات الأميركية، على خلفية التقارير التي أكدت ارتكاب الجيش الأميركي ووكالة المخابرات المركزية “سي آي أيه” لجرائم بحق المدنيين الأفغانيين.