الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
استولت حركة طالبان مؤخراً على أفغانستان، وبدون شك ستكون البلاد بقيادة هذه الحركة بيئة عمل مضيافة للإرهابيين والمتمردين والميليشيات من مختلف الأطياف، ولكن ليست كل الجماعات الإرهابية متساوية من حيث القدرات أو النوايا أو حتى العلاقة مع طالبان.
حيث يشعر مسؤولو مكافحة الإرهاب بالقلق من أن أفغانستان قد تصبح مرة أخرى نقطة جذب أو مركزاً للمقاتلين الإرهابيين الأجانب، وذلك بالاستفادة من الزخم الناتج عن اقتحام طالبان المحموم لكابول، يشمل هذا الخوف المقاتلين الأجانب المتمرسين من باكستان وشينجيانغ وطاجيكستان وأوزبكستان والقوقاز، على سبيل المثال لا الحصر.
إلى جانب طالبان نفسها، فإن المستفيد الأكثر أهمية من الأحداث الأخيرة هو تنظيم القاعدة، فمع اقتراب الذكرى العشرين لهجمات القاعدة في 11 أيلول 2001 ، فإن هذا التنظيم في وضع يمكنه من تجديد شبكاته في جميع أنحاء جنوب آسيا.
وعلى وجه الخصوص، ستستفيد القاعدة في شبه القارة الهندية (AQIS) من صعود طالبان، على مدى السنوات العديدة الماضية، وقد سعت القاعدة إلى تجنيد الهنود وغيرهم من مسلمي جنوب آسيا الذين أصبحوا مستائين من تزايد الطائفية في المنطقة، بما في ذلك الهند حيث يستهدف المتطرفون بعض الطوائف بشكل متكرر.
وقد تكون إحدى النتائج الثانوية لأفغانستان تحت قيادة طالبان هو زيادة في المجندين الجدد للقاعدة، مع تحول مركز الثقل في الحركة “الجهادية” العالمية من الشرق الأوسط إلى جنوب آسيا، ويمكن أن تؤدي النتيجة إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للقاعدة فتصبح منظمة يهيمن عليها الأفغان والباكستانيون وغيرهم من مواطني جنوب آسيا.
وفي حين أن هذا التطور من شأنه أن يساعد في الشرعية السياسية المحلية، إلا أنه قد يتسبب أيضاً في حدوث خلافات مع امتيازات القاعدة في أماكن أخرى، وذلك اعتماداُ على كيفية قيام القاعدة في أفغانستان بموازنة الأولويات المحلية والإقليمية والعالمية للتنظيم بشكل كبير.
بالإضافة إلى ذلك فقد حافظت طالبان تاريخياً على علاقات مع عدد من الجماعات “الجهادية” في جنوب آسيا كحركة الجهاد الإسلامي وحركة المجاهدين وجيش محمد وغيرها الكثير.
يعتقد العديد من خبراء مكافحة الإرهاب أن القاعدة لن تنتعش تحت حماية طالبان فحسب، ولكنها قد تقوم مرة أخرى بالتخطيط وتنفيذ هجمات كبيرة ضد أهداف غربية.
وتجدر الإشارة إلى أن حركة طالبان لديها القليل من الحوافز لتقديم الدعم للجماعات التي تخطط لشن هجمات ضد الغرب، لذلك فإنها ستسعى للحصول على الشرعية الدولية.
ومع هذا، فإن السؤال هو ما إذا كانت طالبان ستكون قادرة على تقييد القاعدة بشكل فعال إذا قررت الأخيرة إعادة بناء قدرات تخطيط العمليات الخارجية، من جانبها ستسعى ولاية خراسان الإسلامية (ISKP) إلى الاستفادة من الوضع لتجنيد مقاتلين جدد وبدء نشاطاتها في أفغانستان.
وستتلقى الجماعات البارزة مثل القاعدة وISKP النصيب الأكبر من الاهتمام، ولكن هناك أيضاً أسئلة حول ما تشير إليه هذه المجموعات مثل الحركة الإسلامية في أوزبكستان (IMU)، وكتيبة الإمام البخاري (KIB)، والحركة الإسلامية لتركستان الشرقية (ETIM)، ومجموعة من الجماعات “الجهادية” في باكستان، أو طالبان الباكستانية.
ولكن بمجرد أن تنتهي الولايات المتحدة من إجلاء دبلوماسييها والأفغان الذين يلتمسون اللجوء ويغادر آخر جنودها، فلن يكون هناك عودة مرة أخرى، ومن الواضح أن صناع السياسة في واشنطن يسعون إلى تحويل التمويل والموارد من مكافحة الإرهاب إلى هدف آخر وهو منافسة القوى العظمى وخاصة الصين، وقد وصف خبير الإرهاب أسفنديار مير استيلاء حركة طالبان على أفغانستان بأنه “ضخم” بالنسبة للحركة “الجهادية”.
لن يقود الغرب مستقبل مكافحة الإرهاب في جنوب آسيا، وإن مشهد الإرهاب يتطور وقد يثبت أنه ينتقل إلى شيء أكثر خطورة من التهديد الذي شكلته القاعدة في الفترة التي سبقت 11 أيلول 2001.
والفرق الرئيسي الآن هو أن الولايات المتحدة لديها نفوذ محدود في كيفية الرد، وقد يكون نهج مكافحة الإرهاب في الخارج ضرورياً، ولكنه غير كافٍ لتهدئة الخطر الناشئ عن عودة حركة “جهادية” عالمية نشطة للغاية إلى جذورها في أفغانستان، ولكن لمجرد أن الولايات المتحدة قد انتهت من القتال فهذا لا يعني أن “الجهاديين” هم كذلك، في الواقع، ربما بدؤوا للتو.
المصدر: “Eurasia Review”