الثورة أون لاين – ريم صالح:
سؤال برسم كل متابع لتدخلات الولايات المتحدة في عالمنا: ماذا تحصد واشنطن من وراء حروبها العبثية اليوم سوى المزيد من الخسائر والهزائم العسكرية والسياسية والأخلاقية؟!، لا نبالغ إذا قلنا أن كل ما تفعله أمريكا اليوم هو الأفول التدريجي، والانعزال في الداخل، أجل فقد هزمت أمريكا في فيتنام، وهزمت في العراق، وأفغانستان، وها هي اليوم تهزم في سورية، فلا سيناريوهاتها الملفقة نفعتها بشيء، ولا تلطيها ببرقع الإرهاب المرقع قد ساعدها على تمرير ولو جزء يسير من خططها السوداء المرسومة للعالم، ولمنطقتنا بالتحديد.
وإذا ما تأملنا بعين المحلل الخبير لما شهدته الأراضي السورية، ولا تزال من إرهاب وتآمر كوني مسيس، ومنظم، وممنهج، لوجدنا أن وجه نظام البلطجة الأمريكي قد فضح تماماً، وعلى الملأ، وبانت عوراته الخلقية، واللا إنسانية، واللا شرعية، واللا قانونية للعالم أجمع، بدءاً من دعمه وتجنيده للإرهابيين التكفيريين، ورهانه على إرهابيي “داعش”، وإمدادهم بالسلاح، والمؤن، وملايين الدولارات، وكله لقتل السوريين، والإيغال في استنزاف دمائهم، وتدمير مكتسباتهم، ومقومات وجودهم، مروراً بجلسات مجلس الأمن المسيسة، ومحاولة استصدار قرارات ظالمة بحق السوريين، بناء على روايات هوليوودية مزورة، بنكهة ورائحة كيماوية نتنة، وصولاً إلى شرعنة ما يسمى قيصر اللا شرعي، والعقوبات الاقتصادية أحادية الجانب والجائرة.
لقد فعلت أمريكا الكثير من أجل محاولة تدمير الدولة السورية ولي ذراع السوريين، وإجبارهم على القبول بتسويات مذلة، واللحاق بركب من انبطح، وخنع، ولكنها فشلت في كل دسائسها، وفي كل مرة كانت تجر ذيول الهزيمة وراءها.
كذلك في العراق لطالما أرَّقت المقاومة الشعبية العراقية عيون جنود الاحتلال الأمريكي، ودفعت أمريكا إلى التفكير جدياً بإنهاء تواجدها الاحتلالي في هذا البلد، وإلا كيف نفهم كلام رئيس نظام الاحتلال الأمريكي جو بايدن بأن الولايات المتحدة ستنهي ما سماه مهمتها القتالية في العراق مع حلول نهاية العام الجاري، ولكن يبقى الإذلال الأكبر لأمريكا – والكلام هنا لصحيفة بوليتيكن الدنماركية- في أفغانستان حيث لم تتعرض الولايات المتحدة لإذلال بهذا الشكل منذ حرب فيتنام، وشددت الصحيفة على أن أفغانستان هي أكبر هزيمة للولايات المتحدة منذ ذلك الحين (حرب فيتنام) وهي نهاية مُذلةٌ تماماً لأطول حرب خاضتها القوة العظمى في كل العصور، مضيفة أنه مثلما أدت الهزيمة في فيتنام إلى إعادة التفكير في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، يجب أن تقود الهزيمة في أفغانستان كلاً من الولايات المتحدة وحلفائها إلى إعادة التفكير فيما يمكن تحقيقه من خلال التدخل العسكري.
هو الإفلاس الأمريكي إذاً في أوضح صوره يظهر هكذا دون مواربة، ليؤكد المؤكد بأن سياسة الهيمنة الأميركية قد بدأت بالأفول، وقريباً جداً سنشهد نهاية هذه الإمبراطورية التي قامت أساساً على جماجم وهياكل ودماء الأبرياء، فتآكل هذه الإمبراطورية بادٍ للعيان، وحتى التخبط في قرارات رئيسها جو بايدن، وجنرالات الحرب فيها، وضباط البنتاغون، أمر لا يختلف عليه اثنان.
العد التنازلي لنهاية الأحادية الأمريكية قد بدأ ليطوي، أو ربما لينسف التاريخ من ذاكرته، صفحات موصومة بالدماء، تسببت بها أمريكا عن سابق إصرار وتعمد، وكله تحت شعارات كاذبة وبراقة