الثورة أون لاين – فاتن حسن عادله:
في رسالة وجهها إلى دول العالم مؤخراً، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تلك الدول إلى التعاون من أجل تحقيق السلام، الذي يمثل مقوماً أساسياً لبناء مستقبل العالم.. فكتب: “تحقيق السلام أمر ممكن وضروري”.
أجل “تحقيق السلام أمر ممكن وضروري”، وشعوب العالم بحاجة حقيقية إلى تحقيق انتفاضة مدوية للسير على هذه الخطا، في ظل وجود قوى دولية غربية تتصارع وتتسابق وتتكالب نحو إراقة الدماء واستباحة الحرمات وقتل واغتيال حياة الشعوب.
لقد تنامى الإرهاب الدولي، وغرس الغرب أنياب أطماعه العدوانية وحروبه في كثير من الدول الآمنة والمستقرة، لا سيما الرافضة والمناهضة لمشاريعه الاستعمارية والاحتلالية، كسورية التي حققت إنجازات وقفزات كبرى في كل المستويات والأصعدة، خاصة مساهماتها في تحقيق السلام والأمن اللذين يدعو إليهما غوتيريش، حيث الأطماع الاستعمارية الغربية المعتادة على الخراب والتخريب لم تستطع استساغة وجود دولة قوية وآمنة ومستقرة، فحاولت تحويل السلام فيها إلى عنف وإجرام، والاستقرار إلى فوضى، والمحبة إلى كره وحقد وبغضاء، والاكتفاء إلى حصار وحاجة، وحرية القرار إلى استسلام.
نعم، السلام هو الطريق الوحيد حتى تتمكن كل شعوب العالم من العبور إلى المستقبل بأمان، لكن هناك من يسعى ويلهث لاستهدافه بشكل دائم، وهم أولئك الذين يغتالون الشرعية الدولية وقراراتها وقوانينها ويسيسونها وفق أهداف غرائزهم السياسية والعسكرية والاقتصادية متمثلين بالولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو الذي تتزعمه، إضافة للكيان الصهيوني الغاصب الذي لا يؤمن بلغة السلام، بل يحاربها حيثما وجدت، على غرار داعمه الأميركي الذي يدافع عنه كي يتمدد في طول المنطقة وعرضها، ويتحكم بمصير شعوبها.
السلام يتحقق في حال واحدة وهي ابتعاد الغرب عن شريعة الغاب التي يمارسها ضد الدول والشعوب الأخرى وخاصة الدول ذات السيادة والاستقلال، وعدم الاعتداء عليها بالتزامه بالقوانين والقرارات الدولية وحرية واستقلال الدول وعدم تدخله في شؤونها، والكف عن تسويق لغة الإرهاب والترهيب ضد مجتمعاتها، ووقف نهبه وسرقته لخيراتها، والتوقف عن اغتيال العقول البناءة والخيرة والمُحبّة للإنسانية جمعاء ولاستقرار البشرية.
فالعبور للمستقبل بأمان يكون عبر ذلك وعبر إيقاف إيقاع الحروب بأنواعها وعدم ممارسة سياسة البلطجة الدولية والاستبداد والغطرسة ومحاولات إقصاء الآخر، والأهم التخلي عن العنصرية التي تشكل آفة العصر القاتلة والمميتة والتي لا تتفق مع مبدأ السلام الذي ينشده العالم لمستقبل آمن.
فالسلام الحقيقي يحتاج إلى الإيمان بعالم واحد ويد واحدة تبني ولا تهدم، بحاجة إلى تعاون بنّاء خلاق يتخلى فيه الدمويون والإرهابيون والعابرون للقارات عن افتراس لقمة العيش من أفواه مستحقيها.. بحاجة إلى احترام الحقوق وتأدية الواجبات.
هي ليست صعبة ولا مستحيلة التحقق، ولكن الإرادة الدولية غير مؤهلة ولا جاهزة لصنع مستقبل آمن مسالم، وسياسة الحروب والحصار ودفع البشرية نحو مزيد من التدهور والهاوية والتسابق للسيطرة هي السائدة اليوم في عالم التوحش البشري الجديد والصراع الذي يشهده العالم بعيداً عن التفكير في لغة الارتقاء بالإنسانية نحو الأفضل… فهل يتحقق الأمن والسلام يوماً ما؟.