الملحق الثقافي: هفاف ميهوب:
أمام هذا التيهِ المُحيط، والاحساس المُحبِط الذي يشعر به الأغلبيّة، بل والمعاناة التي تفاقمت حدّتها، إلى الدرجة التي أُتخمَ الناس فيها ألماً، على الرغم أنه بات فائضاً جداً عن حاجتهم، إلا أنه يأبى إلا أن يبقى لصيقاً بهم، وإلى الحدّ الذي جعله، يرقد حتى في أحلامهم..
أمام كلّ هذا، نسأل: هل أعظم من هكذا رفاهيّة؟!!!!
يحتاج هذا السؤال، إلى إجابةٍ لا تسخر منه وإنما تحرّره، من شرورِ العالم الذي لم يتعلّم، أن هذا الشّعب الذي استُهدف لإنهاكِ قواه وسلخه عن أناه.. لهدرِ قيمهِ وسلبِ نعمهِ.. لإخضاعه حدّ إذلاله.. سيبقى ينبض بالحياة، متمسّكاً بالأمل الذي ترفعه أخلاقه، رغم الألم الذي بات يشعره، كما شعره الأديب البرازيلي «باولو كويلو» عندما عرّفه: «الألمُ مخيفٌ عندما يكشف عن وجهه الحقيقيّ، لكنه ساحرٌ عندما يكون تعبيراً عن التضحية، أو التخلّي عن أنانيّة الإنسان وجبنه»..
إنه ما ينطبق علينا وجعلنا من أكثرِ الشّعوب امتلاكاً لأسلحة الثباتِ الكامل، ومن أكثر الشّعوبِ قدرة على تحويلِ الألم إلى نَغَم.. من أكثر الشعوبِ تخلّياً عن الذات وتضحية بالأرواح كرمى الحياة.. وحتى إن هي آلمتنا، لابدّ أن تنصت لنبضِ سوريّتنا.. لمنطقِ الحقيقةّ الذي اخترق وجود كلّ من بنى رفاهيّته على دماءِ وأوجاع الإنسانيّة، وسواء الجّارِ أو المجرور، أو الساعي بينهما ذلّاً، هو وصمة عاره الأبديّة..
فهل أعظم من هكذا رفاهية؟!!!!
لا.. لا أعتقد.. لا أنا ولا هذا الشعبُ الذي لم يعد بحاجةٍ لمن يسأله عن أحواله، لأن الألم جعله يعيش الزمن في تفاصيله، لحظة لحظة، فالسؤال وعلى رأي الفيلسوف «إميل سيوران «، لأولئك الذين «لا يتألمون، لأنهم لا يعيشون في الزمن، وربّما لم يعيشوا فيه قط، وأعتقد أنهم خرجوا منه، ولن يعودوا إليه»..
mayhoubh@gmail.com
التاريخ: الثلاثاء14-9-2021
رقم العدد :1063