أناشيد في الذاكرة

الثورة أون لاين – حسين صقر:

عمي منصور نجار.. يضحك في يده المنشار، أحد أناشيد منهاج اللغة العربية الذي كنت أدرسه وزملائي في الصف الأول عام ١٩٧٦، عندما رأى مدرسنا آنذاك الأستاذ فريز عماد الرجل الطيب الحنون الذي كان موظفاً في المدرسة، وهو يصنع سلماً خشبياً من أجل الصعود على سطح المدرسة لمتابعة أمور خزانات المياه والمداخن وما كان يوضع على ذلك السطح.
مشهد لم يبرح الذاكرة منذ ذلك الوقت، عندما كانت أناشيد المنهاج ترتبط بذكرى أو حرفة أو مناسبة، أو حالة إنسانية ووطنية، أو أرض محتلة، أو طقس.
أذكر منها فلسطين داري ودرب انتصاري.. ماما ماما يا أنغاما.. بابا بابا يومك طابا.. مطر مطر بالنعمة انهمر.. أو نشيد زنوبيا “ظلي نشيد الدهر لا تكبري.. ياقلعة الأحرار في تدمر.
تلك الأناشيد وكلماتها أعادتني إلى تلك الأيام الجميلة الذي كان فيه النشيد بحق نشيداً له معنى ودلالة.. وليس مجموعة من الكلمات المركبة فوق بعضها دون أي معنى، وخالية من أي صورة جمالية أو رجولة.
عندما نقرأها نتمنى السير تحت المطر، أو أن نكون جنوداً بين صفوف الجيش نقاتل من أجل تحرير الأراضي المحتلة، أو نقبٌل أيادي أمهاتنا الملأى بالعطاء والحب والحنان، أو وجوههن المثلمة بالتضحية والتي ارتسمت عليها تضاريس الكرم.
عندما نقرأ كل تلك الكنوز المعرفية نرى صورة آبائنا وهم عائدون محملين بالحلوى والخضار والملابس، ونحن ننتظرهم على قارعة الطريق قادمين في الباص الوحيد العائد من دمشق.
عندما كنا نقرأها نعيش ذكريات الأجداد وماضي الحضارات، تلفحنا الأسئلة أين كنا وأين أمسينا وإلى أي مصير نسير.
وبالعودة إلى عمي منصور ” المرحوم فارس حمود صقر” وصناعته للسلم، أخرجنا الأستاذ عماد ونحن نردد خلفه نشيد عمي منصور نجار يضحك في يده المنشار..
قلت لعمي عندي لعبة اصنع لي بيتاً للعبة..
هزَّ الرأس وقال: أنا أهوى الأطفال..
وهكذا إلى آخر النشيد، حيث شكلنا حوله حلقة غناء وبالفعل كان كل شيء بيده يضحك.. الخشب “والقدوم” والمنشار والمسمار، وضحكته أيضاً تملأ وجهه.. فتعلمنا الغناء والإنشاد منه، كما تعلمنا طريقة صناعة السلم، وتعلمنا الصبر والدقة وأداء العمل بكل ضمير، كما جعلت تلك الصور المتتالية من ذواكرنا مخزناً للأفكار والكلمات ومحفزاً طبيعياً لسرعة الحفظ وعدم النسيان، حيث انطبع ذلك المشهد في الذاكرة كما ترسخت كلمات ذلك النشيد، ووجه ذلك الرجل المعطاء، وحنان ذلك الأستاذ الذي كنا نشعر بوجوده كأب في المنزل.
أيام لا تنسى.. نذكرها بكل حرقة مع غياب الأناشيد الوطنية والإنسانية عن مناهجنا اليوم، وأسأل نفسي ماذا يتعلم الطفل.. فهل يتعلم الأغاني من المحطات “لف الحشيش”.. أو من المناهج “الفيل يستحم طش طش انهمر الماء” أو غيرها ..
أسأل نفسي عن أغنية فيروز ” خطة قدمكن على الأرض هدّارة” وأين ضاعت في زحمة أكياس الأغاني والأناشيد ذات الكلمات المبتذلة والرخيصة.

آخر الأخبار
الشرع يؤكد أهمية الدور السعودي وبن سلمان يجدد دعم المملكة لسوريا  تشغيل 20 بئراً  لضخ المياه لمدينة حماة ومشاريع توسعة    "الدفاع" تستلم مستودعات السلاح من تشكيلات اللجنة المركزية في درعا   اجتماع ثلاثي في أنقرة غداً لدعم الحكومة السورية مدير" تربية "درعا: جلسة حوارية للنهوض بالواقع التعليمي المواطنة والهوية... نقاشات غنية بأبعاد وطنية  مفكرون وباحثون: يجب إعادة صياغتها بما يتلاءم مع متطلبا... تحقيق لـ"بي بي سي": شبكات خارجية تغذّي الطائفية وخطاب الكراهية في سوريا القصة التعليمية".. أسلوب تربوي لتعليم الأطفال باحثة تربوية لـ"الثورة": تكسبهم ثروة لغوية كبيرة لإيجاد فرص عمل أوسع ..تشبيك بين الرواد الشباب وشركات التكنولوجيا   خطة لتأهيل محطة ضخ دمر بدمشق ومحطات تحلية جديدة  تشغيل 85 بئراً لتأمين مياه شرب صالحة للمواطنين وزير التربية والتعليم : تأهيل 100 مدرسة والعمل جارٍ لتأهيل 400مدرسة أخرى   حملة توعية  لتحسين واقع سوق كشكول تأهيل جسر محجة في درعا   تحصين أبقار حمص ضد مرض الجلد الكتيل جامعة حمص تدرب طلابها  على "نظام إدارة الجودة في المعامل الدوائية تأمين المياه لناحية البهلولية باللاذقية محافظ اللاذقية : السيطرة على الجزء الأكبر من حرائق الريف  الشمالي جولات تفتيشية لمنع أي  زيادات في أسعار " أمبيرات " حلب  "العمق العربي أولاً ".. البحرين على سمت بوصلة السياسة السورية جامعة دمشق.. معرض لإبداعات الحرفي السوري وإحياء المهن التراثية