بين الأمس واليوم، ينسج تشرين انتصاراته بدماء الشهداء وخيوط الإرادة والإصرار على الحياة ودحر كل وحوش الإرهاب التي لا تزال تحاول أن تنهش ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا.
تترسخ الذكرى في وجداننا، لتصبح ذاكرةً يستحيل أن تمحوها أوجاع وأقدار الزمن، ذاكرةً تشعل بداخلنا جذوة الانتصار، وتخلق فينا تصميماً أكثر على التحدي والمواجهة والانتصار.
لم تكن حرب تشرين التحريرية التي خاضتها سورية في العام 1973 مجرد حرب عادية، سرعان ما طوت الأيام والسنون آثارها وتداعياتها وارتداداتها، وإنما كانت حرباً مختلفة شكلاً ومضموناً، لاسيما وأنها كانت مفصلاً هاماً لمرحلة ما بعدها، لجهة صياغتها خرائط ومعادلات جديدة في المنطقة، شكلت الأساس المتين لولادة قوى ومحاور وتحالفات بأسس وموازين و ركائز جديدة تقوم على استراتيجيات ثابتة وواضحة لمقاومة كل المشاريع الصهيو أميركية.
الخوض في نتائج حرب تشرين يطول ويطول وقد يأخذنا إلى متاهات ومفازات صعبة، لكن الأبرز في تلك النتائج، كان ذلك الذي كرسه الانتصار في ذاكرة الإنسان والمكان وباعتراف نخبة من المؤرخين والمحللين والسياسيين، بالإضافة إلى اعترافات الكثير من قادة وساسة العدو الإسرائيلي، لجهة تحطيمها لأسطورة” الجيش الذي لا يقهر ” وتأسيسها لمرحلة من الانتصارات على الكيان الصهيوني وحلفائه وشركائه وأتباعه، أي أنها أسست لزمن من الهزائم الإسرائيلية على اعتبار أن انتصار سورية في تشرين، شكل بداية الهزيمة لكيان كان يدعي أنه الأقوى في المنطقة وأنه أسطورة لا يمكن لأي دولة مهما عظمت أن تهزمه وتقهره فإذا به أضعف وأوهن من بيت العنكبوت.
لقد رسمت حرب تشرين طريق الانتصارات الذي تسير عليه سورية اليوم بكل قوة وثبات وإرادة وإصرار أكثر على التحدي والمواجهة والنصر الذي لا يمكن أن تتنازل عنه مهما كانت التضحيات والأثمان.
من نبض الحدث- فؤاد الوادي