طيلة سنوات الحرب الإرهابية الماضية، كان الدور الصهيوني حاضراً بقوة في كل مراحلها، واعتداءاته المتكررة، وآخرها عدوانه الغادر على المنطقة الجنوبية، هو لإعادة رسم مشهد ميداني وسياسي جديد، يتناغم مع محاولات حكومة بنيت لإثبات حضورها كذراع إرهابية متقدمة لإدارة بايدن، وبأنها قادرة على تقديم خدماتها على صعيد استكمال الحرب الإرهابية، وبإمكانها التنسيق مع نظام المجرم أردوغان لحماية ما تبقى من تنظيمات إرهابية، ما زالت الولايات المتحدة تعول عليها لمواصلة استنزاف قدرات الدولة السورية.
تزامن العدوان الصهيوني الغادر مع إتمام عمليات التسوية في ريف محافظة درعا، هو تعبير واضح عن يأس وإفلاس منظومة العدوان بسبب تحطيم أدواتها الإرهابية، وحرق أوراقها التفاوضية، وسحبها من التداول على طاولات الحل السياسي، وهذا العدوان جاء كجزء من عملية تكامل الأدوار بين أقطاب الحلف العدواني الذي تتزعمه الولايات المتحدة، وحكومة العدو الصهيوني التي تشكل إلى جانب النظام التركي الداعم الأبرز لإرهابيي “النصرة وداعش” و”الخوذ البيضاء”، وكلنا يتابع نبرة التهديد المتصاعدة من قبل اللص أردوغان، والمترافقة مع إرسال المزيد من التعزيزات العسكرية لحماية إرهابيي “النصرة” في إدلب، في ظل التأكيد السوري المستمر على حسم ملف معركة إدلب بعدما استنفد النظام التركي كل المهل الزمنية، من دون أن ينفذ التزاماته بموجب اتفاق “سوتشي” ومخرجات “استانا”.
تصعيد العدوان من قبل الكيان الصهيوني والمحتلين الأميركي والتركي، يبدو منسقاً بين أضلاع هذا الثالوث الإرهابي، حيث الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة يقابلها تكثيف لاعتداءات قوات الاحتلال التركي ومرتزقته الإرهابيين على القرى المحيطة بتل تمر ورأس العين بريف الحسكة، بالتوازي مع مواصلة إرهابيي ” النصرة” اعتداءاتهم على المناطق والقرى الآمنة بأرياف حلب واللاذقية والجزء المحرر من ريف إدلب، في ظل استمرار المحتل الأميركي بتقوية شوكة ذراعه الإرهابية “قسد”، ومواصلة عمليات نهب النفط السوري لزيادة مفاعيل “قيصر”، ويؤكد هذا التنسيق المباشر أن دعم الإرهاب هو مصلحة مشتركة لثالوث العدوان، ولاسيما أن الكيان الصهيوني- وهو أكبر المستفيدين من مواصلة الحرب الإرهابية- فقد الكثير من أذرعه الإرهابية على الأرض، والتي كان يعول عليها كركيزة حماية لأمنه ووجوده في ظل المتغيرات الميدانية والسياسية الحاصلة.
السياق العام لاستمرار اعتداءات الثالوث الإرهابي، يوحي بأن ثمة توجهاً أميركياً – صهيونياً- تركياً لتكريس واقع ميداني يبقي احتمالات المواجهة مفتوحة على كل خيارات التصعيد، لمنع الدولة السورية من إعادة بسط سيطرتها على كامل أراضيها، ولكن في المقابل لن يكون بمقدور منظومة العدوان تحقيق أهدافها، وأجنداتها السياسية، فهي تستنسخ فشلها المتراكم طيلة سنوات الحرب الماضية، وبكل تأكيد فإن مشهد إتمام المصالحات في درعا، وعودة المحافظة كاملة لحضن الوطن، سيتكرر قريباً في المناطق الأخرى التي ما زالت تعاني من الإرهاب، ويتوق أهلها للخلاص من جرائم التنظيمات الإرهابية، كما هو الحال في إدلب، ومنطقة الجزيرة، وبعض ريف حلب، فقرار الدولة السورية بمواصلة مكافحة الإرهاب، وإعادة بسط سلطتها على كامل أراضيها أمر لا رجعة فيه، والجيش أكثر إصراراً وعزيمة على الاستمرار في مطاردة فلول الإرهابيين حتى تطهير كامل التراب السوري من الوجود الإرهابي.
نبض الحدث – بقلم أمين التحرير ناصر منذر