يتابع الأميركي ما يحدث في سورية بدقة متناهية، وهذا ينطبق على العالم أجمع، إلا أن اهتمام الأميركي في منطقتنا ذو خاصية مميزة، فماذا عن سورية بعد خراب العراق وليبيا وفوضى لبنان.. الأميركي يصر على سرقة ثرواتها ومواردها، ويشدد الحصار عليها كما الدول التي لا تقبل الانتماء إلى المجرة الأميركية، الأمر الأهم تعطيل عودة طريق الحرير.
غرف التحليل والعمليات تعمل على مدى ساعات اليوم.. يشرب الأميركي نخباً مع زيادة ضخ الغضب والحنق؛ من المواطن الذي يتحرى اليأسُ ألف سبيل ليتملك منه.. وهذه بغية الأميركي والغربي، ومنتهى غاياتهم لفلّ عضد السوري الصامد.. لكن الفشل حليفهم دوماً..
الأميركي يستخدم الزمن لإطالة حالة اللا حرب وتأجيل حالة السلم والأمان. وذلك كي لا يكون هناك استكمال لتحرير الأرض.. أو استقرار للبلاد. كما أن إفشال المفاوضات وسيلته الناجعة للبقاء، مع تسريب أخبار متضاربة حول انسحابه من الأرض السورية أو بقائه فيها.
هو يستخدم الميديا لضخ النقاش عن الطوابير، متناسياً أنها عادة سوّقت من الغرب، على أنها حالة حضارية لضبط النظام.. السؤال ما الذي حصل ليتبدل رأيهم.. يتحدثون عن الفقر ونتائجه، متناسين أن عنصريتهم أفقرت الكثيرين في بلادهم الديمقراطية، وغيّبتها الميديا.
يروجون لكل ما يضعف الانتماء الوطني، بتداول أحاديث أو نقاشات فحواها أسعار السلع وتداول العملة الغربية، سعياً لإضعاف قيمة العملة الوطنية وقوتها الشرائية.. وأهم الحلول لأجل حماية الوطن في معركة الحفاظ على سيادته، ضبط الاقتصاد الوطني من شراذم الفاسدين وحثالة المتحكمين بسوقه، المدعومين غربياً بأموال مصدرها تفوح برائحة العفن.
أما من يدعون أنفسهم بالليبراليين الجدد الذين يغذّون الصراع الطبقي الحالي عامودياً وأفقياً لتهشيم الاقتصاد الوطني.. فهم يعملون جاهدين لعكس ذلك على الواقع الاجتماعي.. لتصنيع شرخٍ مجتمعي كبير، يؤثر في تفكير المواطن، ويأخذه لمساحات تضيّق عليه الخناق..
ذريعتهم في ذلك فقدان العدالة والمساواة، وزيادة مساحة الفوارق الطبقية بعيداً عن استحقاق الكفاءات والمستويات العلمية، ما يزيد من أسباب الفساد وتلميع ثقافته، والتركيز على الهيئات الحكومية وتضخيمها على أنها فشل.. ما يسعد حَمَلَةَ الفكر الصهيوني المتطرف..
كل الدقة المتناهية في دراسة الوضع السوري، الغاية منها خلخلة مصالح المواطن، وإفقار ثقته بالدولة، ومصادرة طموحاته، وجعل آماله سراباً في يوم مشمس. وليس من موانع في ضخ المال الكثير لتوكيد غاياتها، لأنها لا تدفع فلساً، والأتاوات تدفعها دول قرن الشيطان.
كل الأشكال الهندسية التي رسمت لتفكيك المجتمع السوري، واستهداف أفراده إن بتفجيرات كالتي حدثت مع بداية ضوء صباح العشرين من تشرين الثاني 2021 حيكت بدقة متناهية لإرهاب الشعب السوري، والنيل من شبابه المنضوي تحت علم الجمهورية العربية السورية.
مهما كانت دقتهم متناهية للنيل من الشعب السوري، سيجدون في لحظات من يمكنه الرد عليهم. كم نالت منهم الطائرات المسيرة التي ضربت قاعدة التنف بعد عدوان الأربعاء، هم يخفون خسائرهم إعلامياً. الحق عندما ينتهك يكون الرد عليه أعتى منه فدماء شبابنا غالية.
لا يمكن للأم سورية القبول بأن يكون ثمن حريتها وقود أبنائها إلى ما لا نهاية. ولن تتقبل الضبابية لقادم أيامها، فلا بد من تغيير المواقف السياسية، ورفض سياسة تحطيم القبور، وسرقة دور العبادة لتكون مراتع لأعداء الأديان. ولا يمكن القبول بنازية جديدة تهشم البلاد.
لن يفلح الغرب والصهيوني المستعمر رغم دقتهما المتناهية، من خلخلة التوازن الوطني والعربي، مادام هناك شعب بإمكانه ملء الشوارع بأسرع ما في مخيلة عدوه.. فسورية أنموذجاً للشعب الحي والعيش المشترك، الذي لا تنفك عراه الوثقى، مهما حلكت الظروف..
إضاءات – شهناز صبحي فاكوش