الثورة أون لاين- عائدة عم علي :
ستة عقود من الفجيعة الدامية التي ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيوني بحق العشرات من سكان كفر قاسم بفلسطين ضد مواطنين فلسطينيين عُزَّل نفذها الصهاينة في 29 تشرين الأول من عام 1956 في قرية كفر قاسم راح ضحيتها 49 مدنياً عربياً منهم ثلاثة وعشرون طفلًا دون الثامنة عشرة.
ورغم أن الكثير من المجازر -ونظائرها مما سبقها أو لحقها- تقارب في بشاعتها مجزرة كفر قاسم أو تفوقها أثراً؛ فإن السياق السياسي الذي حدثت فيه مجزرة كفر قاسم أعطاها بعدا أكبر، وذلك لتزامنها مع أول أيام العدوان الثلاثي الذي شنته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر، بعد الإعلان عن تأميم قناة السويس.
فقد استغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي المسماة “حرس الحدود” انشغال العالم بحرب السويس لتنفيذ هذه المجزرة البشعة، وعند تنفيذها طوقت القوات الإسرائيلية البلدة من جهات ثلاث بينما أبقت الجهة الشرقية نحو الضفة الغربية مفتوحة، مما يعكس عزم الاحتلال على تهجير سكانها.
بدأت المجزرة عندما أعطت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي أمرا يقضي بفرض حظر التجول على القرى العربية في “المثلث الحدودي” الذي يمتد من أم الفحم شمالا إلى كفر قاسم جنوبا، بدءا من الخامسة مساء يوم 29 /تشرين الأول 1956 وحتى السادسة من صباح اليوم التالي.
وبحسب مؤرخين وباحثين، فإن إسرائيل هدفت من وراء المجزرة التي رفضت حكومة بن غوريون مسبقاً الاعتراف بارتكابها والتستر عليها إلى دفع ما تبقى من عرب فلسطين، إلى الهجرة، عبر ترهيبهم على غرار ما جرى في مجزرة دير ياسين، لكنها فشلت في ذلك.
ويؤكدون أن إسرائيل التي لم تحتمل العدد الكبير لسكان هذه المنطقة من العرب- قتلت بدم بارد خلال 1949-1956 ثلاثة آلاف فلسطيني معظمهم ممن حاولوا العودة بعد تهجيرهم إلى بلدان الجوار، وقد تولت تنفيذ هذه المجازر وحدة خاصة بقيادة أرئيل شارون عُرفت باسم 101.
وفي أجواء القتل هذه وهيمنة عقلية المجازر في إسرائيل جاءت مذبحة كفر قاسم التي نفذت إسرائيل قبلها كلا من مجزرة يوم 11 أيلول 1956 حيث قتلت 20 جندياً أردنياً في هجوم على معسكرهم، ثم قتلت 39 فلسطينياً بقرية حوسان في قضاء بيت لحم، و88 آخرين في قلقيلية في نفس الشهر.
وكان القرار حازماً إذ أرفِق بقرار أمني يخوّل الجنود إطلاق النار وقتل كل من يتجول بعد سريان الحظر -وليس اعتقاله- حتى ولو كان خارج بيته لحظة إعلان منع التجول، لأن قيادة الجيش كانت تقول إنها لا تريد التعامل مع السكان بالعواطف.