الثورة- منهل إبراهيم:
تتصارع الأفكار والشخصيات والأحزاب البريطانية حول فكرة العودة لقلب التكتل الأوروبي، ويظهر بعضهم الحنين لتلك الأيام، فقبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كان رؤساء الوزراء البريطانيون يتوجهون إلى بروكسل أربع مرات في السنة أو أكثر للمشاركة في قمم مع قادة مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء الـ27، وكانت المفاوضات تمتد حتى ساعات الليل المتأخرة، لكن تلك القمم توقفت تماماً بعد البريكست.
وتؤكد “بي بي سي” أن الحكومة العمالية، التي انتخبت العام الماضي على أساس برنامج تعهد بـ”علاقة محسّنة وطموحة مع شركائنا الأوروبيين”، تسعى هذه الأيام إلى مد جسور التواصل المنتظم والجديد مع الاتحاد الأوروبي، وتُعد قمة أمس الإثنين أولى هذه الخطوات.
واستضاف رئيس الوزراء كير ستارمر عدداً من كبار قادة الاتحاد لإطلاق شراكة جديدة بين الجانبين.
ووصف السفير الأوروبي لدى لندن، بيدرو سيرّانو، هذا اللقاء بأنه “ذروة الاتصالات المكثفة على أعلى المستويات منذ الانتخابات البريطانية في يوليو/ تموز 2024″.
وبحسب ” بي بي سي” هنالك أسئلة عدة تُطرح حول ما ستحققه هذه القمة فعلياً، فبينما يحذّر المحافظون من أنها “قمة استسلام”، ويتخوف حزب “ريفرم يو كاي”- تأسس بهدف الضغط من أجل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي- من أن تمهّد لتنازلات تُفكك إنجازات البريكست، يرى الديمقراطيون الليبراليون أنها “فرصة هائلة” .
أما كير ستارمر، فيرى هذه الخطوة مثالاً على أن “البراغماتية الجادة تتفوق على السياسة الاستعراضية”، من خلال تقديم حلول عملية تُحدث فرقاً في حياة المواطنين.
وقالت بي بي سي “: في الليالي الطويلة والمشحونة بالأحداث عام 2020، حين كان رئيس الوزراء بوريس جونسون يفاوض على اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، طرحت فكرة إقامة شراكة أمنية ودفاعية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، لكن أولوية لندن حينها كانت الانفصال عن الاتحاد، لذلك لم يتم التوصل إلى أي اتفاق– وهو ما يعتبره البعض غياباً لافتاً في ملف العلاقة بين الجانبين، أما اليوم، فقد عمل الطرفان لعدة أشهر على إعداد اتفاق أمني جديد بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، من المتوقع أن يشكل محور التفاهمات التي سيتم الإعلان عنها قريباً”.
تصفية المصالح الكبرى
وأضافت: “كانت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي والمشرفة على المفاوضات، حاضرة في الجلسات التمهيدية التي عُقدت في لانكاستر هاوس في بريطانيا، وقالت في تصريح لـ”بي بي سي”: “علاقتنا شهدت بعض الصعوبات، لكن بالنظر إلى ما يجري في العالم نحن بحاجة للمضي قدماً بهذه الشراكة”.
ومع ذلك، يرى البعض أن بريطانيا لا ينبغي لها أن تمد يدها لهذا التعاون الأوروبي، بحسب شبكة “بي بي سي”، حيث قال أليكس بورغارت، النائب عن حزب المحافظين، أمام مجلس العموم: “الركيزة الأساسية لدفاعنا هي الناتو، ولا نرى أي سبب يجعل الناتو غير كاف”.
وتؤكد الشبكة البريطانية أن حزب “ريفرم يو كاي” لم يخف نبرته التصعيدية، إذ قال زعيمه ريتشارد تايس: إن بريطانيا تتجه نحو ما وصفه بـ”تصفية كبرى للمصالح الوطنية”، مضيفاً: “هذه هي الحقيقة ببساطة، حتى لو جرت تغليفها بمصطلحات مثل إعادة بناء العلاقة مع أوروبا”.
وتساءل تايس: “لماذا يرغب أحد بإعادة التقارب مع نموذج اقتصادي فاشل بوضوح؟ الاتحاد الأوروبي يواجه صعوبات أكبر مما نواجهه نحن، علينا أن نسرّع الابتعاد عنه لا العكس”.
وبينت “بي بي سي” أنه في المقابل، رفض نك توماس- سيموندز، وزير شؤون مجلس الوزراء في حكومة حزب العمال، هذه الطروحات، واعتبرها “مجرد تكرار لحجج تجاوزها الزمن”.
وقالت بي بي سي: “على الطرف الآخر من النقاش، تظهر انتقادات من نوع مختلف، إذ يتهم البعض زعيم حزب العمال كير ستارمر بأنه يتحرك ببطء شديد وحذر مفرط”.
وقال كالوم ميلر، المتحدث باسم الشؤون الخارجية في حزب الديمقراطيين الليبراليين، إنه يعرف شركات “تعضّ على أناملها من الغضب، لأنها غير قادرة على الاستفادة من فرص العمل والتجارة مع أوروبا”.
