الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
يبدو أن التصريحات الأخيرة لمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، التي زعمت أن إدارة بايدن لا تسعى إلى تحول جذري في النظام الصيني، تشير إلى خطاب أكثر ليونة بشأن العلاقات الثنائية، لكن الخبراء حذروا من أن الصين يجب أن تظل يقظة بشأن الازدواجية في سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين والتقلبات المحتملة، وبعبارة أخرى، “قول شيء وفعل شيء آخر”.
قال سوليفان لشبكة CNN إن الهدف من سياسة أميركا تجاه الصين هو خلق ظرف يتعين فيه على قوتين رئيسيتين العمل في نظام دولي في المستقبل المنظور، وقال “نريد أن تكون شروط هذا النوع من التعايش في النظام الدولي مواتية للمصالح والقيم الأميركية” مشيراً إلى أنه في ظل هذه الظروف، تعكس قواعد الطريق منطقة عادلة وحرة بين المحيطين الهندي والهادئ ونظاماً اقتصادياً دولياً مفتوحاً وعادلاً وحراً.
وقد أدلى سوليفان بمثل هذا التصريح ليس لأن الولايات المتحدة فقدت الرغبة في “تغيير الصين”، ولكن لأنها قبلت على مضض حقيقة أن العمل على تغيير النظام في الصين شيء لا تستطيع تحقيقه.
إن السعي لتغيير العالم هو التفكير السياسي الأساسي للولايات المتحدة، والذي يتوافق مع مفهومها الأمني المتجذر، بعبارة أخرى هي تحرص بشكل دائم على تغيير أنظمة وسلوكيات الدول الأخرى وتعتبرها وسائل للقضاء على التهديدات الخارجية التي من الممكن أن تهدد “أمنها ومصالحها”.
فقد انهار الاتحاد السوفييتي بهذه الطريقة خلال الحرب الباردة مع الولايات المتحدة، ونتيجة لذلك، استطاعت السيطرة على العالم باعتبارها القوة العظمى الوحيدة، وهذا مثال نموذجي على نجاح الولايات المتحدة في إعادة اختراع خصم بشكل دائم.
ولكن بدلاً من أن تصبح روسيا شريكاً للولايات المتحدة وأوروبا من خلال قبول الإطار الأساسي للمؤسسات الغربية، تعرضت لمزيد من الهجمات من قبل الولايات المتحدة لأن روسيا قوية للغاية.
أما اليابان فقد كانت سياسياً غربية بالكامل وحافظت على الوجود العسكري الأميركي على أراضيها لفترة طويلة، ولقد صدم صعودها الاقتصادي السريع في القرن الماضي واشنطن، وأصبح “تهديد اليابان” مصدر قلق رئيسي آخر للنخب الأميركية، فاتخذت الولايات المتحدة إجراءات وفرضت قيوداً صارمة على القدرة التنافسية لليابان. وهذه الفترة من التاريخ تخبر الناس بمدى رفض واشنطن قبول التحديات الاستراتيجية من العالم الخارجي.
فالولايات المتحدة وبتحيزها المستمر ضد الاشتراكية، تهدف بالدرجة الأولى إلى تفكيك محرك ظهور الصين وتفكيك وحدتها، وإذا نجحت فإن مثل هذا النهج يمكن أن يعزز الهيمنة الأميركية على أفضل وجه وبأقل تكلفة.
ومع ذلك، ومنذ إدارة ترامب، أصبحت الولايات المتحدة أكثر إحباطاً من مثل هذه الاقتراحات والتكتيكات، حيث فقدت الثقة بشكل خاص في تحقيق أهدافها من خلال استراتيجية المشاركة، لذلك بدأت في تحويل استراتيجيتها نحو الاحتواء ضد الصين بمبادرة من إدارة ترامب واستكملها فريق بايدن، فأصبحت “المنافسة الشديدة” شعاراً جديداً لإدارة بايدن.
لن تقبل النخبة السياسية في الولايات المتحدة النظام الصيني، لقد أدركوا للتو حقيقة أن نظام الصين لا يمكن أن يهتز خارجياً، لذا بدلاً من ذلك، حاولوا معرفة ما يمكنهم فعله لتقويض الحيوية المستمرة التي يضخها النظام الصيني في تنمية البلاد، من أجل انهيار النظام في النهاية، وهذا ما تعنيه إدارة بايدن بـ “المنافسة الشديدة”.
وفي حين أننا لا نأمل حسن النية الاستراتيجية لواشنطن، لا يزال بإمكاننا الاستفادة من بيان سوليفان بطريقة إيجابية. بعد كل شيء، فإن مثل هذا البيان من شأنه أن يساعد في تسهيل العلاقات الصينية الأميركية، وعلينا أن نطلب من الولايات المتحدة وضع هذا البيان موضع التنفيذ وتقليل تدخلها السياسي في الشؤون الداخلية للصين.
وليس أمام الولايات المتحدة خيار أفضل سوى التمسك بالغموض الاستراتيجي، وهو الخيار الأفضل حالياً لتلبية مصالحها وتجنب الصراع مع الصين.
المصدر: Global Times