الثورة أون لاين – معد عيسى:
بين الموقع المتميز والخطط الاستراتيجية الطموحة وتسريع وتيرة الإصلاحات وخلق البيئة الاستثمارية سجلت سلطنة عمان مؤشرات تنموية واقتصادية واجتماعية تفوقت بها على أقرانها فكانت السباقة في تبني خطط تنموية على أساس تنويع مصادر الدخل وتقليص مساهمة قطاع النفط في الناتج المحلي.
السلطنة في عيون الغرب والشرق
استطاعت سلطنة عمان أن تكون السبّاقة لبلورة رؤية اقتصادية استشرفت أفقاً بعيداً للخروج من إشكالية الاقتصاد الأحادي النفطي و الانطلاق في مسارات جديدة من التنوّع الاقتصادي وتعدد مصادر التنمية وتعزيز موارد الاقتصاد بمختلف القطاعات، وهو توجه أثمر نتائج طيبة كانت موضع مراقبة وترقب من قبل الكثير من مراصد التحليل الاقتصادي في هذا العالم.
وأكد تقرير جديد نشرته مؤسسة اتش.كي.تي.دي.سي للأبحاث ومقرها هونغ كونغ أن سلطنة عُمان تنفذ أنموذجاً ناجحاً للتنويع الاقتصادي، مشيداً بنهجها في تحرير تجارة السلع والخدمات.
ولفت التقرير إلى أن “السلطنة اتبعت بنشاط خطة تنموية تركز على التنويع والتصنيع والخصخصة بهدف التخفيض من مساهمة قطاع النفط في الناتج المحلي الإجمالي إلى 9 في المئة، وأضحت السياحة والصناعات القائمة على الغاز مكونات رئيسية من استراتيجية التنويع الحكومية”.
وقال التقرير: أن الاستثمار في البنية الأساسية يستمر في التدفق على المناطق الاقتصادية الخاصة في صلالة والدقم وصحار والمزيونة، لافتاً إلى أن السلطنة اجتذبت مشاريع استثمارية كبيرة منذ عام 2017، معظمها موجه نحو العمليات الصناعية الموجهة للتصدير، وأضاف التقرير أن المناطق الاقتصادية الخاصة في السلطنة ولاسيما الدقم تسلط الضوء على التنفيذ الناجح للمناطق الاقتصادية الخاصة لتحفيز التحول الاقتصادي من خلال الجمع بين الموقع الجغرافي الاستراتيجي خارج مضيق هرمز بين الحوافز التنظيمية.
على العموم نجحت السلطنة في تحقيق الأهداف التي تم تحديدها ضمن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030 في كل من القضاء على الفقر والقضاء التام على الجوع و الاهتمام بالصحة الجيدة والرفاه والتعليم الجيد والمساواة بين الجنسين والمياه النظيفة الصحية وطاقة نظيفة وبأسعار معقولة، والصناعة والابتكار والهياكل الأساسية، وعمل مدن ومجتمعات محلية مستدامة والعمل المناخي والحياة تحت الماء، وعقد الشراكات لتحقيق الأهداف.
وقال التقرير الوطني الأول للسلطنة عن أهداف التنمية المستدامة 2030: «بناءً على المشاورات المجتمعية الواسعة، صادق المجلس الأعلى للتخطيط في السلطنة في عام 2015 على الأهداف الأممية للتنمية المستدامة 2030: القضاء على الفقر وتغيير حياة المجتمع وحماية كوكب الأرض».
ومنذ ذلك التاريخ، حرصت حكومة السلطنة على إدماج أبعاد وأهداف التنمية المستدامة في خطط واستراتيجيات التنمية في عُمان وفي مقدمتها الخطة الخمسية التاسعة (2016 – 2020) ورؤية عُمان 2040، بما يعكس جدّية شديدة من قبل الحكومة في تنفيذ تلك الأهداف ورصد الميزانيات وتصميم البرامج والسياسات الكفيلة بتحقيقها على المديين المتوسط والطويل.
وهنا لابدّ من الإشارة إلى أن سلطنة عُمان حصلت على المركز الرابع عربياً فى مؤشر جذب الاستثمارات الأجنبية لعام 2020.
وكشف تقرير حديث لمؤسسة الاستثمار الأجنبى المباشر “اف دي اي انتلجنس” اللندنية، أن سلطنة عُمان جذبت استثمارات قيمتها 3.5 مليار دولار العام الماضي.
وكانت السلطنة قد حصلت على المرتبة الـ 53 عالمياً والسادسة عربياً في تقرير التنافسية العالمي للعام 2019، والصادر من المنتدى الاقتصادي العالمي.. كما أشادت عدة تقارير دولية حديثة بجهود تنويع الاقتصاد وتنمية موارده فى السلطنة.
كما أعلنت منظمة التجارة العالمية مؤخراً أن سلطنة عُمان أوفت بمتطلبات اتفاقية تسهيل التجارة بنسبة 100%، وذلك من أجل السعي لتبني أفضل المعايير والممارسات العالمية لتطوير القطاع اللوجستي وتهيئة المناخ التجاري للاستثمار في مختلف المجالات الاقتصادية بالسلطنة، إلى جانب تحقيق طموحات الاستراتيجية الوطنية اللوجستية 2040، بجعل سلطنة عُمان مركزاً لوجيستياً عالمياً وتحسين تصنيفها في المؤشرات الاقتصادية الدولية.
وفى أوائل شهر حزيران من العام الماضى أصدر السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان، مرسوماً سلطانياً سامياً بإنشاء جهاز الاستثمار العُمانى، لتعزيز الاستثمار فى السلطنة وتنمية الموارد الاقتصادية بها تنمية بعيدة المدى.
تؤكد المعطيات والاستنتاجات التي تفضي إليها القراءة المتأنية لمجريات الإدارة الاقتصادية في سلطنة عمان، قناعات متجددة باتت راسخة لدى الحكومة العُمانية بأن تسريع وتيرة الإصلاحات بات أمراً حتمياً لتأمين عائدات إضافية ترفد بها الخزينة العامة.. إذ كثّفت السلطنة تحركاتها خلال السنوات الأخيرة لخدمة خططها الاستراتيجية لتنويع الاقتصاد ضمن رؤية 2040 التي تهدف إلى تطوير كافة مناحي الحياة بتنويع مصادر الدخل والابتعاد تدريجيّا عن الاعتماد على صادرات الطاقة، مع تعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد.
وتأمل مسقط عبر تلك الرؤية في الوصول إلى تحقيق نسبة نمو تقدّر بنحو 6 في المئة بحلول 2040 وأن تكون ضمن أفضل 20 دولة في العالم، وضمن العشر دول الأوائل تجارياً.
وفي هذا السياق ركزت الحكومة العُمانية على عدة قطاعات لتعزيز إسهاماتها في دفع الاقتصاد، من بينها تطوير قطاع التعدين، وذلك بهدف معالجة الاختلالات المالية وزيادة إيرادات الدولة من العملة الصعبة.
ووضعت مسقط قطاع المناجم والتعدين بين أهم أولويات خطتها الاستراتيجية “رؤية 2040”، التي تركز على توسيع نشاط القطاع من خلال استقطاب الاستثمارات الأجنبية.
وتظهر البيانات الرسمية أن هيئة التعدين العُمانية منذ تأسيسها في ايلول 2014 منحت أكثر من 410 تراخيص تعدينية موزعة على محافظات البلاد.
وتشي تحركات الحكومة العُمانية في ظل سياسة السلطان هيثم بن طارق الذي خلف السلطان الراحل قابوس بن سعيد، بأن ثمة اجتهاد مكثّف باتجاه تسريع وتيرة الإصلاحات التي باتت أمراً محسوماً لتأمين عائدات إضافية ترفد بها الخزينة العامة