ثمة تطورات حاصلة في المواقف العربية والدولية تجاه الأوضاع في سورية، فنلاحظ أن الكثير من الدول بدأت تعيد مقارباتها إزاء التعاطي مع الحرب الإرهابية والاقتصادية التي تستهدف السوريين، وهذا الحراك الإيجابي يبدو أنه يشكل صدمة قوية للنظام التركي الرافض تماماً لحقيقة بدء تعافي الدولة السورية واستعادة حضورها ودورها الفاعل على المستوى الإقليمي والدولي، وهذا ما يفسره لهاثه المستمر لإطالة أمد الأزمة عبر مواصلة سياسة العدوان والاحتلال، ودعم الإرهاب.
نظام أردوغان يدخل دفعات جديدة من الأسلحة النوعية والمتطورة لدعم إرهابيي “النصرة” في إدلب، بهدف محاولة منع الجيش العربي السوري من استكمال حربه ضد الإرهاب، واستعادة هذه المحافظة إلى حضن الوطن، وجرعات الدعم الإضافية للإرهابيين، هي رسالة تصعيد واضحة يستبق فيها جولة أستانا القادمة التي أعلن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن انعقادها في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، وهذا يعزز التأكيد بأن النظام التركي لم يكن في وارده على الإطلاق تنفيذ أي بند من مخرجات (أستانا وسوتشي)، وأن مشاركته كضامن للإرهابيين كانت فقط بهدف استغلال الوقت من خلال المماطلة الدائمة لتقوية شوكة إرهابييه، لتكريس إدلب بؤرة دائمة للإرهاب، وجعلها لاحقاً قاعدة انطلاق لتوسيع نطاق الهجمات الإرهابية على المناطق المحيطة والمحررة، وعلى مواقع الجيش العربي السوري.
اليوم يعقد الرئيسان الأميركي والروسي قمة ثنائية عبر الفيديو يبحثان خلالها عدداً من المسائل، ولا شك في أن الأزمة في سورية ستكون حاضرة، ومن المرجح أن تكون جرعات الدعم التركية للإرهابيين في إدلب هي رسالة أميركية للجانب الروسي لتحسين شروط التفاوض، على اعتبار أن النظام التركي هو أحد الأدوات التي توظفها الولايات المتحدة من أجل إبقاء سورية في دائرة الإرهاب والفوضى، والجميع يعلم بأن واشنطن تعمل على نزع صفة الإرهاب عن “جبهة النصرة” وتعويمها كـ” معارضة معتدلة”، وروسيا لم تزل تؤكد موقفها المبدئي بضرورة القضاء بشكل نهائي على التنظيمات الإرهابية في إدلب، وعلى وجوب بسط الدولة السورية سيطرتها على كل أراضيها.
نظام أردوغان يعمل لحساب المشروع الصهيو-أميركي، وسياساته التصعيدية تخدم هذا المشروع، فهو لم يلتزم حتى الآن بمضمون البيانات الختامية لاجتماعات “أستانا”، وسرعان ما كان ينقلب عليها بتحريض أميركي واضح، بدليل مواصلة احتلاله لأجزاء من الأرض السورية، وكذلك يفعل المحتل الأميركي، فهو حتى وإن كان خارج مسار “أستانا”، ولكنه معني بكل مخرجاتها، فهو من يحرك الضامن التركي، وكلاهما قوتا احتلال وعدوان، ومقاومتهما حق مشروع للدولة السورية حتى طردهما إلى جانب مرتزقتهما الإرهابيين، سواء في إدلب، أو غيرها من المناطق التي ما زالت تحت وطأة الاحتلال والإرهاب.
نبض الحدث-ناصر منذر