من الذاكرة الشعبية الحلبية…. فلافل الفيحاء شهد الحرب واستعاد نبضه متوسطاً شارع بارون.. وتاريخ يمتد لأكثر من سبعين عاماً
الثورة – حلب – جهاد اصطيف :
كاد مطعم الفيحاء أحد أعرق المطاعم الشعبية في شارع بارون يتجه نحو الإغلاق كغيره من المحال والمطاعم بسبب الحرب العدوانية التي شنت علينا، حيث أثارت صورته الحالية ذكريات رواده مع لذة الطعم التي يتفرد بها المطعم المتخصص ” بصندويش الفلافل”، ليسترجع الحلبيون ذكرياتهم بسعر الصندويشة التي كانت ١٥ ليرة فقط، فيما وصلت الآن بعد تسع سنوات إلى أكثر من ألف ليرة للحفاظ على نفس الجودة والطعم
الضيافة العربية..
ويرجع تأسيس المطعم العريق في شارع بارون إلى خمسينيات القرن الماضي، ويقول ابن مؤسس المطعم محفوظ الشريف الجزائري أن هذا المحل أنشئ بعد قدوم والده من دمشق إلى حلب لينشر هذه الأكلة الشعبية طيلة عقود، ويردف : ما بين ” معروض للبيع ” و ” سيفتح قريباً ” كان لا بد لنا من أن نطوي صفحات الحرب العدوانية التي شنت علينا، ونتصفح الذاكرة الشعبية الحلبية لنستذكر، بأن من ذهب يوماً ما للعبارة أو لشارع بارون بغرض التسوق، ومن عبر الطريق من محطة بغداد إلى المتحف والمدينة القديمة ، ومن أخذه الألم إلى أحد الأطباء في تلك المنطقة أو زار محاميا أو مهندسا، ومن قصد دور السينما أو المقاهي مع أصحابه، وكل من أتى حلب للسياحة ، مر من هنا من شارع بارون وأكل الفلافل.
تصميم وإرادة ..
ويضيف : في منطقة شارع بارون الحافلة بالحكايا التاريخية، والغنية بتفاصيل الذاكرة الشعبية، افتتح والدي المرحوم محمد الشريف جزائري هذا المطعم ، وبدأت حكاية طويلة مع الأكلة الشعبية المميزة في حلب ، استمرت ما يقارب الـ ٧٠ عاما، بعد قدومه من دمشق كما قلت التي ولد فيها – بعد أن جاءها جده مهاجراً برفقة الأمير عبد القادر الجزائري- ، واستقر في حلب وتزوج فيها، ووضع بصمته في صفحات تراثها وذاكرة ناسها، بالإتقان واللذة، واليوم أعدنا إحياء المطعم، بعادات وتقاليد الأحفاد في مدينة حلب، التي تتحدى الظروف، وتحافظ ما أمكن على إرث الأجداد.
تغير السعر وبقي الطعم ..
وعن سر خلطة الفلافل يقول: لفلافل الفيحاء نكهة وخلطة خاصة مميزة به وعلامة مسجلة للاسم وبعد إعادة افتتاحه لم نتفاجأ حقيقة لأن الزبائن من أيام والدي ولأن لهم ذكرياتهم في المطعم قد عادوا مع أبنائهم وأحفادهم مع تأكيدهم أن الطعم لم يتغير وإنما السعر هو الذي اختلف كون الظروف المعيشية لم تعد كما كانت في السابق، ورغم ارتفاع سعرها الحالي إلا أنها تبقى الأكلة الشعبية الأولى التي تمتاز بها حلب فضلاً عن أن مطعمنا اشتهر بجودته وعراقته وتراثه وهو مذكور في أغلب كتب السياحة التي تتحدث عن حلب ومنها كتاب السياحة العالمي.
الفيحاء تعانق الشهباء..
إذاً مطعم فلافل الفيحاء الشعبي أصبح معلماً شهيراً من معالم شارع بارون، واختار له مؤسسه اسم الفيحاء كناية عن دمشق التي جاء منها إلى حلب، ومن دلالة أخرى للمعنى، انتشار رائحة التوابل، واستمرت حكايته القديمة تدور حول شخصيات الأجداد التي يجسدها الأبناء ثم الأحفاد ، فمنذ المؤسس الأول ، بدأت نكهة الفلافل بالإنتشار في حلب، ونرى أولاده اليوم يواصلون مسيرته محافظين على تراث هذا المطعم بعاداته وطقوسه المفتوحة على كرم الاستقبال والجودة وحسن الضيافة.
تصوير : خالد صابوني