جوهر طفولتنا يكمن في مكتسباتنا وانفعالاتنا وردّ أفعالنا وطرق تعبيرنا بناء على مااكتسبناه، وثقافة الطفل في جوهرها الحقيقي تعتمد على مايسمع في سنواته الأولى وعلى ما يكتسبه من باقي المراحل، فبعد الأبوين تأتي المدرسة ومن ثم الجهات المتخصصة في ثقافة الطفل، ولعلّ المسرح (مسرح الطفل) من أهم الفنون التي تثير شغف الطفل وتؤثر في انفعالاته لأنه يعتمد التواصل المباشر وكل ماهو حسّي…
مسرح الطفل قدّم عروضه التي قاربت الأربعين بالتزامن مع العطلة الانتصافية المدرسية، حرصاً من القائمين عليه مدّ جسور التواصل المباشر مع الأطفال بعروض مثيرة للحواس بعفوية وتلقائية وحركات مدروسة ومتوازنة ومصطلحات تناسب عصر طفل اليوم، لإثارة عقول الأطفال وتفكيرهم الإبداعي حول موضوعات وقيم غنيّة وثريّة..
كلّما أسدل الستار وانتهى العرض المسرحي واستمتع الأطفال خرجوا وبقيت في نفوسهم وعقولهم عبر وحكم ترتقي بطرق تفكيرهم وتعطيهم العبرة التي ترتقي بالإنسان بشكل عام، من هنا لابُدّ من أن تكون نصوص مسرح الطفل مدروسة بشكل جيّد وقيّمة فيها المتعة والمنفعة في تهذيب أخلاق وسلوك الطفل…
بين الكلمة والممثل وتطوير أدوات المسرح ومنافسة باقي الفنون له يبقى سلطان الفنون لأن العلاقة الحميمية الدافئة التي يخلقها المسرح بين العارضين المسرحيين والمتلقين لن تجدها في أيّ عمل فنّي وخاصة إذا ما كان النصّ يشحذ الهمم والفكر والمخيّلة والجمال، ولن يخبّئ نفسه أيّ عمل مسرحي من جمهور بقيّة الفنون الذين أخذهم الفضاء الأزرق والفضائيات وغيرها، لأن لذّة ورقيّ المسرح وصدق التواصل الذي يخلقه يعيد إليه الألق مع فتح الستارة وبالتالي فتح آفاق العقل والقلب معاً وآفاق المستقبل.
رؤية – هناء الدويري