الثورة – لميس علي:
لماذا نلجأ إلى ممارسة الإبداع، فناً وأدباً..؟
في اللحظة التي يتم عبرها مزج مشهد عزف “كاترين” مع مشهد تهديد “ستيف” لشقيقتها “روث” وأيضاً “إميلي”، يخطر لك أنه تم تقديم المشهدين بشكل متداخل كنوعٍ من منح حالة تطهير، أو ربما لمقاومة القبح ببعضٍ من الجمال.
في فيلم (ذنب لا يغتفر، Unforgivable)، أحدث أفلام النجمة ساندرا بولوك، وإخراج الألمانية نورا فينغسشايدت، تمّ التركيز على التقاط هذا المزيج المتشعب والمتناقض من (القبح والجمال).. لطالما غرقت القصة بتصوير مناخات بشاعة العالم وقسوته تجاه “روث، بلوك” التي خرجت حديثاً من السجن بعد انتهاء فترة عقابها على قتل شرطي أثناء تأدية مهمته بإخراجها من بيتها مع شقيقتها الصغرى كاثرين لأسباب تتعلق بعدم سداد قرض ما.
تفاصيل حادثة القتل تبقى مشوّشة.. لن ندرك سرّها حتى الجزء الأخير من الفيلم الذي يمنح مساحة واسعة من أحداثه لأجل إظهار ذلك التناقض الرهيب بين قسوة خارجية فظيعة تمارس ضد “روث”.. وبين حالة حبّ دفين تحياه تجاه أختها محاوِلةً معرفة أخبارها وأي شيء عنها بعدما تمّ إبعادهما وأخذ الطفلة “كاثرين” للعيش مع عائلة جديدة بالتبني.
كل تفصيل وكل مشهد استغرق إمعاناً في تظهير سواد العالم ممارِساً بشاعته وقسوته ضد “روث”، كان يتم عبر أداء أكثر من لافت ورائع من “بولوك” التي أبدعت في كل مشهد وحتى في كل لقطة.
وعن كم الأداء النفسي، كان لديها الشيء الكثير لتقوله وتبوح به أمام الكاميرا ما جعل ( Unforgivable ) فيلما ،يتمحور فعلياً حول أداء “بولوك”.. ميزته الأجمل ورافعته التي لربما قادته إلى أماكن ترشيحات عديدة.
في كل مشهد ثمة حشدٌ كبيرٌ من كمّية الانفعالات النفسية الرهيبة التي قدّمتها بمنتهى الاحترافية. وللمرة الأولى بتاريخها السينمائي سنرى “ساندرا بولوك” بمثل هذا الوجه القادر على التعبير لأبعد الحدود الأداء اللاحركي.. مندفعةً بكامل طاقات أدواتها الجسدية والنفسية لمنح الشخصية حضوراً من لحم ودم.
تغيير مسار الأحداث من نقل “روث” من موقع القاتلة إلى موقع الضحية.. يجعلنا في حالة ذهول كامل بمقدار الحب العميق الذي دفعها لحماية أختها الصغيرة واعترافها بجريمة لم ترتكبها.. الحبّ الذي ساعدها لتحمّل كل قسوة وقبح الآخرين من حولها.. وكأنه الحب/التعويذة التي ساعدتها للارتقاء فوق كل منغصات العيش وبشاعته.
