الثورة – هلال عون
ربما بضعة أيام، أو بضعة أسابيع، على أبعد تقدير، وتنتهي الحرب التي أشعلها الأطلسي عبر وكلائه في أوكرانيا مع روسيا، بعد أن تكون روسيا قد حققت أهدافها بالسيطرة على المفاعلات النووية، وبتقليم أظافر النازيين الجدد العسكرية بتدمير قدراتهم العسكرية وبشطر أوكرانيا إلى قسمين، غرب نهر الدينبر (المنطقة الاوكرانية ) المعزولة عن البحار، ونهر الدينبر الذي ينبع من روسيا ويخترق أوكرانيا من الشمال الى الجنوب، هو أحد أطول الأنهار في أوروبا، حيث يبلغ طوله 2200 كلم، وعليه أطول سد في العالم ، “23 كلم، وشرق نهر الدينبر (وهي المنطقة المحاذية لروسيا) وتضم إقليم الدونباس وعدداً من المدن التي يتكلم قاطنوها اللغة الروسية وتقع مدينة كييف، عاصمة أوكرانيا على هذا النهر.
وعوداً على ما ورد في المقدمة من أن الأطلسي، وأمريكا تحديداً، هي من أشعلت متعمدة الحرب بين أوكرانيا وروسيا، قد يقول قائل: لكن روسيا هي التي بدأت الهجوم، فكيف نتهم أمريكا بإشعال الحرب؟
أعتقد أن إدراك ذلك والاعتراف به رهن بامتلاك الإنسان عقلاً حرّاً، و ضميراً حيّاً ومن يمتلكهما لا يُمكنه أن يُنكرا أمرين اثنين: الأول تخطيط أمريكا لهذه الحرب والثاني رغبتها في استمرارها وعدم توقفها.
أما دليل تخطيط أمريكا للحرب (وبعيداً عن ال 13 مختبراً للأسلحة البيولوجية والجرثومية التي تم اكتشافها تحت الأرض في أوكرانيا، و التي أنشأتها أمريكا ، وتحدثت عنها وسائل الإعلام العالمية).. بعيداً عن ذلك يمكن الاستدلال على تخطيط أمريكا للحرب من خلال أمر بسيط جداً، وهو إعلانها العمل على ضم أوكرانيا للحلف الأطلسي.
أمريكا أعلنت ذلك، وعملت على تنفيذه، وهي تعلم علم اليقين أنه لن يتم، بسبب موقف روسيا الرافض رفضا قاطعا له، كون أوكرانيا متاخمة لروسيا بحدود طويلة، ولأن حوالي 8 ملايين روسي يعيشون على أراضيها، ولأن ضمها للأطلسي يعني نصب الصواريخ الأمريكية بكافة أنواعها على حدود روسيا مباشرة.. وهذا لا يعني تهديداً مباشراً لأمن روسيا القومي فقط ، بل والوطني أيضاً.
أما الدليل على أن أمريكا ترغب باستمرار الحرب ، وبعدم إيقافها فهو إعلان روسيا في بداية الحرب أنها لا تمانع في انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، وأن إيقافها لعمليتها العسكرية بيد الرئيس الأمريكي جون بايدن ورهن إشارة منه، وليس عليه إن كان راغبا بإيقاف الحرب إلا التصريح بأنه لا يريد ضم أوكرانيا إلى الحلف الأطلسي ولكن بايدن لم يفعل، ولن يفعل، رغم علمه اليقيني بأن ضم أوكرانيا للحلف الأطلسي مستحيل مادامت روسيا دولة قوية.. نعم هو يعلم استحالة ضمها، ولكنه يريد الحرب لأسباب تتعلق باستنزاف روسيا وبتخريب علاقتها بأوروبا، وبمحاصرتها اقتصاديا وإضعافها ونهبها، للتفرغ لحربه مع الصين.
وهنا يبرز سؤال طبيعي: هل ستنجح أمريكا بحصد ثمار خطتها ضد روسيا، خاصة بعد أن نجحت بجر أوروبا وأتباعها في العالم لفرض عقوبات غير مسبوقة ضد روسيا ؟!
الجواب اليقيني هو أن أمريكا ستفشل وأن المتضرر الأول سيكون أوروبا، والدول غير النفطية في العالم.
وقد ظهرت مؤشرات ذلك بسرعة غير متوقعة، حيث ارتفعت أسعار الغاز خلال 24 ساعة بنسبة زادت على 79٪ !.
فقد سجل سعر الغاز في البورصة الأوروبية يوم أمس الاثنين 3900 دولار لكل 1000 متر مكعب ، وفقا لبورصة لندن ، بينما كان قبل يوم واحد ب 2300 دولار! طبعا كل ذلك الجنون يحدث ، و روسيا لم توقف ضخ الغاز إلى أوروبا بعد.
هذا الواقع يطرح تساؤلات عديدة ، منها: كم سيصبح سعر الغاز في حال قررت روسيا إيقافه عن أوروبا ؟!.. ما مصير السلع والمنتجات الأوروبية التي تضاعفت كلف انتاجها ؟!.. هل ستوقف أوروبا مصانعها بسبب مضاعفة كلف الإنتاج وعدم إمكانية صناعاتها ، وما حجم الخسائر التي يمكن أن تتحملها بسبب عبوديتها لأمريكا ؟
كل ما سبق يؤكد حدوث زلازل قادمة في الاقتصادات وفي المواقف السياسية العالمية، خاصة في أوروبا، وذلك بسبب الارتباط الذي لا ينفصل بين السياسة والاقتصاد ، خاصة في العالم الغربي.
