التاريخ والأخطاء المحتملة

إيهاب زكي – كاتب فلسطيني:

قد يكون التاريخ أكثر من يستطيع العمل كمرآةِ مستقبل، كما يستطيع العمل كجسرٍ له، وإذا استطعنا قراءة الحاضر الذي هو بطبيعته مستقبل التاريخ، وتاريخ المستقبل، نستطيع تلمس المفارقات والتشابهات، خصوصاً إذا استطعنا الابتعاد عن الهوامش والمتفرقات، والتركيز على لبّ الصراع.
لم يكن الاتحاد السوفييتي قوة عظمى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، فقد خرج مُدمَراً يسارع الوقت والموارد لإعادة البناء، ومحاولات توفير الغذاء والدواء والمساكن، ولكن وما إن حدث العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956، على خلفية تأميم الرئيس جمال عبد الناصر قناة السويس، وقام نيكولاي بولغانين رئيس الحكومة السوفييتية في حينها، بتوجيه الإنذار الشهير لدول العدوان، طالباً منها وقف العدوان والانسحاب، اكتشف العالم أنّ هناك قوة عظمى كانت تنمو في الظل، وخرج الاتحاد السوفييتي قوة عظمى بعد هذا العدوان.
بعد عدوانٍ على أرضٍ عربية خرج الاتحاد السوفييتي كقوة عظمى، وأصبح قطباً عالمياً، هذا تاريخياً، ونحن إذ لم نشهد التاريخ رؤيا العين، لكننا نشهد الحاضر بأمّ العين، فبعد العدوان على دولةٍ عربية -سورية- خرجت روسيا البوتنية قوة عظمى، وبعد العملية العسكرية في أوكرانيا، قطعاً ستخرج قطباً عالمياً، خصوصاً أنّ نتائج هذه العملية العسكرية، محسومة النتائج سلفاً، وهي تحقيق روسيا للأهداف التي حددتها مسبقاً.
الفرق الوحيد أنّ الاتحاد السوفييتي نما كقوة عظمى في الظل، أمّا روسيا بوتين فقد نمت كقوةٍ عظمى على البث المباشر في سورية، على العين الأمريكية، رغم كل محاولات العرقلة، ورغم كل محاولات التوريط، وسيكون الانتصار الروسي في أوكرانيا، شبيهاً باستجابة دول العدوان الثلاثي على مصر للتحذير السوفييتي، بوقف العدوان والانسحاب.
ففي رسالة بولغانين لرئيس الوزراء البريطاني في حينها أنتوني إيدن، قال فيها بما يشبه التهديد الصريح، “ماذا لو واجهت بريطانيا قوةً أعظم منها؟”، ولم يتغير الواقع كثيراً، حيث أنّ بريطانيا والغرب عموماً، يدرك أنّ مواجهة روسيا البوتنية عسكرياً، ستكون الطامة الكبرى.
فيما خرجت مصر من العدوان الثلاثي كقوة إقليمية كبرى، يُحسب لها كل حساب في المحافل الدولية، وكما يقول المسؤولون الأمريكيون حينها “لا يمكن أن تكتمل اللعبة الدولية، دون وجود ناصر على الطاولة”، وهذا ما سيكون عليه الخروج السوري من العدوان، حيث سيكون الانتصار فاتحةً لتكون سورية اللاعب الإقليمي الأقدر، على تقرير مصائر خرائط النفوذ في المنطقة.
حيث أنّها ستخرج أكثر قوة، فسورية ليست منتصرة فقط، بل هي عضو في حلف القوى الصاعدة، وما يتوجب علينا سوى امتلاك القدرة على مجاراة الأحداث المتسارعة، والتي هي أسرع من قدرتنا على ملاحقتها دون إصرار، فنحن نعيش في زمن الأخطاء المحتملة، حيث أنّ القوى التي تعيش زمن الهزائم، قد تسعى لخلط كل الأوراق، والتي بطبيعتها ستؤدي لنتائجٍ خارج كل الحسابات.

آخر الأخبار
مسؤولان أوروبيان: سوريا تسير نحو مستقبل مشرق وتستحق الدعم الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار