كثيراً ما كنا نسمع ونقرأ وننقل تصريحات لشخصيات لها شأنها في المراكز البحثية والمؤسسات التعليمية حول ربط البحث العلمي بالواقع العملي، وكثيراً ما تفاخر هؤلاء على المنابر بأعداد الأبحاث والمخرجات البحثية وأعداد طلاب الدراسات العليا في جامعاتنا .. بينما في واقع الحال لم نر لهذه الأبحاث نتائج لا في الصناعة ولا في الزراعة ولا في خلق فرص تنموية أكثر رفاهية وخاصة ونحن نعيش تحت وطأة الظروف الحياتية والمعيشية الصعبة.
يقال إن الأزمات تُعري الأبحاث التي فيها عيوب وتتكشف الحاجات، ونحن لدينا عدد كبير من الأبحاث في المؤسسات التعليمية ولكن أيها المطلوب والمناسب لتطوير المجتمع؟ بكل بساطة لا يوجد ربط لمخرجات البحث العلمي بما يتطلبه المجتمع حالياً ولو أخذنا بعض التجارب السابقة للواقع الزراعي – لكوننا بلدٌ زراعيٌ- وعلى سبيل المثال الأبحاث الخاصة بإنتاج القمح نجد أنه قبل عدة سنوات من الحرب الظالمة على بلدنا كانت الدراسات البحثية تقودنا إلى مستوى إنتاج من القمح أكثر من استهلاكنا فكان هناك تصدير لهذه السلعة بمقدار ثلثي الإنتاج. وهذا بفضل أحد المراكز بحثية الذي أعطى أولوية لذلك، وكان الأمر مشابهاً لإنتاج زيت الزيتون، فكان ذلك نتاج أبحاث درست بدقة حاجة المنطقة لأنواع المزروعات وكيفية الاستفادة منها كعائد بحثي علمي اقتصادي.
وتحت عنوان ماذا نريد من البحث العلمي وكيف ومتى؟ هو ما يجب التركيز عليه في المرحلة الحالية والمقبلة والتوجه لإنتاج أعمال بحثية نوعية غير مكررة ولا تنتج فقط من أجل الحصول على الترفع الوظيفي أو للحصول على رسالة الماجستير، وإنما بحوث من أجل تحقيق قاعدة تنموية إنتاجية قادرة على رفع المستوى المعيشي للناس وتحسين الحياة في ظل تنمية مستدامة. وخاصة بعد أن كشف الحصار الاقتصادي الظالم على سورية وتبعات كورونا الوجه الحقيقي للكثير من الأبحاث التي تنتجها مؤسساتنا البحثية وعن الوهمية الهرمية الكبيرة لهذه الأبحاث في واقع يرتفع فيه الكم ويقل الكيف، وعن التشتت وعدم التشبيك فيما بينها مما جعل أغلبها يكرر عشرات المرات من قبل باحثين مختلفين دون أن يعلم هذا الباحث ما قام به الباحث الذي سبقه، مما جعل أبحاثنا العلمية في واد وإمكانية تنفيذها في واد آخر.
عين على المجتمع- ميساء الجردي