الثورة – تحقيق – جهاد اصطيف:
يبدو أن سرور الكثير من المواطنين المتعاملين مع المصارف التجارية وسعادتهم التي بدأت منذ أعوام بإطلاق هذه المصارف خدمة الصراف الآلي، خاصة لجانب قبض الرواتب، معلنة بذلك زمناً جديداً لخدمات زبائنها، سرعان ما تبخرت أمام معاناتهم ومشقتهم، بل وانزعاجهم من وقوفهم لساعات طوال بالدور أمام تلك الصرافات، مؤكدين أن هناك خللاً ما فيما يتعلق بآلية وطريقة عمل هذه الصرافات نظراً لتزايد الازدحام الحاصل عليها، فهيهات هيهات، كيف لتلك الصرافات أن تهنئ من غير أن تنغص معيشة المواطن وتزيد همومه فوق هموم!.
*سباق ماراثوني..
فمنذ اللحظة الأولى وفي مطلع أول كل شهر، أو كلما تم تفعيل الرواتب، يبدأ لدى الموظف لدينا ما يشبه سباق الماراثون العجيب والغريب من نوعه، فسرعان ما تبدأ جموع من المواطنين بالتسابق إلى أمكنة توضع الصرافات الآلية التي تتبع للمصرف التجارية المنتشرة بمختلف أحياء حلب.
ليبدأ معها مسلسل الازدحامات والمناكفات والمشاحنات، فمن يريد أن يقبض راتبه ومن يريد أن يسحب بعض الأموال، ومن ومن .. مثل ” هاني ” الذي يقول: وثقنا بالصرافات الآلية وتحملنا تعطلها الكثير والأجمل اعتذاراتها المتكررة “عذراً الجهاز خارج الخدمة مؤقتاً” وقد تمتد كلمة مؤقتاً إلى ساعات وربما لليوم التالي أو أكثر، ويردف: ماذا أفعل فقد اضطررت لمبلغ من النقود واعتمد على الصراف لقناعتي بأنه موجود بأي وقت أشاء، فإن لم يكن الصراف الآلي في العبارة يعمل أذهب إلى الصرافات التي هي بالقرب من ساحة سعد الله الجابري أو بالقرب من البريد أو حتى تلك المتواجدة بالقرب من الجامعة، ولكن ماذا نفعل، ليس أمامنا سوى التنقل بين جميع الصرافات للحصول على الراتب أو لسحب مبلغ من المال.
موظف آخر يقول: ليتني أستطيع نقل حسابي إلى أي بنك آخر يحترم الزبون و يفتح أبوابه لاستقبال المواطنين، ولكن ماذا عن الموظفين أمثالنا الذين وطنت رواتبهم عبر المصارف العامة، ولا نستطيع سوى الركض من صراف إلى صراف للملمة راتبنا الذي لم يعد يصمد لأيام معدودة بطبيعة الحال.
* انتظار طابور الدور..
” سيدة مسنة” بين الجموع كانت تقول: إن لم تكن هذه المصارف جاهزة لتقديم خدمة جيدة، فيجب ألا تقدمها، وللعلم لم أستطيع أن أسحب بعد أكثر من ساعتين من الجري وراء الصرافات الآلية سوى ” ٧٠ ” ألف ليرة، والكثير ممن كانوا يتسابقون معي بهذا السباق ” الماراثوني” لم يحالفهم الحظ وقرروا تأجيل سباقهم على ما يبدو إلى صباح اليوم التالي بانتظار أن تقوم إدارات فروع المصارف المختصة بإيجاد حل يسعف هؤلاء المتسابقين والراكضين وراء رواتبهم.
” رجل آخر ” كان يشتكي عدم تمكنه من الحصول على راتبه، يقول: معظم الأوقات أقصد الصراف الآلي، وأنتظر طابور الدور، لكن دون جدوى، فإما أن تنقطع الكهرباء عن الصرافات، وإما أن ينفد المال، وإما أن تكون عاطلة..
ويضيف: والدي رجل مسن وليس باستطاعته القدوم مبكراً كل يوم لينتظر ساعات عديدة أمام الصراف دون أن يتمكن من الحصول على راتبه التقاعدي الذي بالكاد يكفيه ثمناً لدوائه، ويردف قائلاً: لذلك أقوم أنا بالتصدي لهذه المهمة الشاقة وأفرغ وقتي حتى أقبض راتب والدي “العتيد”، وهنا أسأل إلى متى سيبقى تأمين الراتب هماً يثقل كاهلنا؟.
* الكهرباء هي السبب..
“رياض أبيض” مدير فرع “2” للمصرف التجاري السوري بحلب أكد أن المسألة باختصار متعلقة بتوفير الطاقة الكهربائية للصرافات وتغذيتها، وإننا كإدارات مصارف وعاملين مستعدون على مدار الساعة لتغذية الصرافات من أجل أن تبقى جاهزة لتقديم الخدمة للمواطنين، مبيناً أن العاملين ينامون بالصرافات وأن المبلغ المرصود لتغذيتها اليوم على سبيل المثال بلغ نحو ” ١٠٠ ” مليون ليرة، طالباً ضرورة تأمين الطاقة للصرافات من أجل تجاوز ظاهرة الازدحامات أمام صرافات المصرف التجاري السوري.
*خلاصة القول..
بالطبع هناك جهات عدة معنية بالأمر، وباعتقادنا أن إدارة المصارف ووزارة المالية هي المسؤولة بالمقام الأول، ويا حبذا لو تقوم كل مؤسسة، أو أن تشترك عدة مؤسسات ممن وطنت رواتب موظفيها بإحضار صراف آلي ووضعه في مكان مناسب احتراماً لموظفيها، كما هو الحال في بعض المؤسسات في دمشق، بعيداً عن سماع المبررات، كعدم توفر الميزانية والبنية التحتية التي لا تساعد، إلى آخره من المبررات التي لا تفيد المشاركين “بسباق ماراثون” الراتب بشكل شبه يومي.