الثورة – تحليل راغب العطيه
يحاول الكيان الصهيوني أن يسخر كل شيء يجري في العالم لمصلحته، معتمداً على التناقضات التي تحكم علاقات الدول العظمى ومصالحها الاستراتيجية وعلى رأسها روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأميركية، ولذلك نجد أن العدو الإسرائيلي يراقب مجريات العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا عن كثب، ويدرس تداعياتها بدقة على الساحة الدولية ككل، وعلى منطقتنا على وجه الخصوص.
وعليه فقد اكتفت حكومة الاحتلال برئاسة نفتالي بينيت، في بداية التصعيد الغربي ضد روسيا بموقف محايد من طرفي الصراع، محافظة على مستوى من العلاقة بين الطرفين، بحيث استطاع الكيان الغاصب جمع المصالح بين كل من روسيا وأوكرانيا، ولكن احتفاظه بتحالفه الطبيعي مع الولايات المتحدة والغرب، دفعه إلى تبني موقفهما تجاه روسيا، بعد اندلاع الحرب، من دون أن ينخرط في مسار فرض العقوبات على روسيا حتى الآن، كي لا يغضب موسكو.
ويرى المراقبون أن من أبرز التداعيات التي تخشاها “إسرائيل” في أعقاب العملية الروسية في أوكرانيا لحماية المدنيين هو حرص واشنطن على توقيع اتفاق بشأن الملف النووي مع إيران، واستعجال إنهاء المسار التفاوضي في فيينا، وتقديم مزيد من التنازلات لمصلحة إيران، الأمر الذي سيعطي محور المقاومة نقاط قوة إضافية في المنطقة والعالم على حساب الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، خاصة وأن الرد الأميركي على العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا عكس تراجع قوة الهيمنة الأميركية، ونهاية تفردها كقوة عظمى في المسرح العالمي، وهو سينعكس بطبيعة الحال على المكانة التي تتمتّع بها “إسرائيل” كحليف استراتيجي نوعي للولايات المتحدة.
وأكثر ما يخشى الكيان الصهيوني هو أن تعيد الدول المطبِّعة معه حساباتها تجاه تحالفاتها مع الولايات المتحدة ومعه، نتيجة للسلوك الأميركي الذي لا يعطي أهمية لهذه التحالفات عندما تفرض المصالح الأميركية نفسها بعيدا عن كل اعتبار، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى، وأبرزها الانسحاب الأميركي المذل من أفغانستان وموقف إدارة الرئيس جو بايدن من العملية الروسية في أوكرانيا.
إضافة إلى الأمور التي ذكرناها يخشى العدو الصهيوني من تسارع وتيرة المواجهة مع محور المقاومة لاسيما وان الحدث الأوكراني أثبت هشاشة القوة الأميركية ومعها القوة التي يتحدث عنها الكيان الصهيوني، وما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة هذه الأيام من مواجهات أكبر دليل على ذلك، ومقدمة طبيعية للتحولات السياسية والعسكرية والاقتصادية على المستوى الدولي.
على الصعيد الاقتصادي ستقود الحرب الأوكرانية إلى تداعيات اقتصادية عالمية خاصة بعد حزم العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والغرب على روسيا لمعاقبتها على الدفاع عن أمنها القومي، وهو ما سيتأثر به الكيان الصهيوني كما تتأثر به دول الغرب قبل أن تتأثر به روسيا ذاتها.
