“غرينفيل بوست”: عسكرة البلقان.. خطة الناتو

الثورة – ترجمة ميساء وسوف:

تهدد الحرب بالوكالة في أوكرانيا بجر دول البلقان إلى صراع إقليمي كبير، حيث تقوم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي بعسكرة البوسنة وزيادة الضغط على صربيا.
فبينما يتركز الكثير من اهتمام العالم على الحرب في أوكرانيا، نشرت بعثة قوة الاتحاد الأوروبي (يوفور) التابعة لحلف شمال الأطلسي، قوات قتالية في البوسنة، في مدينة بانيا لوكا في 20 نيسان الماضي، وقد أدى الظهور المتزايد لقوات يوفور وقوات الناتو في البوسنة إلى تفاقم التوترات الشديدة بالفعل في دول يوغوسلافيا السابقة، بعد التصعيد الدراماتيكي للعنف في أوكرانيا هذا العام.
ظهر تدخل قوة الاتحاد الأوروبي في بانيا لوكا في البوسنة أثناء الاحتجاجات التي اندلعت على مدى الأشهر العديدة الماضية، بما في ذلك التحليق الجوي للطائرات المقاتلة الفرنسية والتدريبات التي سار خلالها جنود الاتحاد الأوروبي في الشوارع التجارية في وسط سراييفو وقادوا مدرعاتهم حول المناطق المدنية.
وكانت الاحتجاجات في بانيا لوكا ناتجة عن تفسيرات متضاربة للولاية القضائية بموجب اتفاقية دايتون، وهي الصفقة التي أنهت الحرب الأهلية في البوسنة والتي استمرت أربع سنوات في عام 1995.
أسست اتفاقيات دايتون نظاماً سياسياً هشاً للبوسنة والهرسك شهد تقسيم السلطة بين “كيانين” على طول خط الهدنة: “الاتحاد” الكرواتي المسلم و”الجمهورية” الصربية.
في حين أن دايتون تدمج رسمياً روسيا والدول الأخرى غير الأعضاء في الناتو في هيئتها الإشرافية، فإن الاتفاقية تدار عملياً من قبل حكومات الناتو والنمسا، اللتين تعينان معاً “ممثلاً أعلى” يتمتع بصلاحيات كاسحة لنقض القرارات الديمقراطية لحكومات الكيانات المعنية . وعلى الرغم من أن النمسا محايدة اسمياً، إلا أنها تلعب دوراً رئيسياً في تنفيذ سياسة الناتو في البوسنة، ووضعها داخل جمهوريات يوغوسلافيا السابقة كمستثمر أجنبي رئيسي وكقوة استعمارية تاريخية.
في حين أن الغرض الظاهري لقوة الاتحاد الأوروبي هو منع عودة ظهور الصراع المسلح بين المسلمين والصرب، فإن مساهمتها في الأمن الإقليمي وبين المجتمعات المحلية غامضة في أحسن الأحوال، ويستخدم الغرب الاحتلال العسكري للبوسنة بشكل روتيني لممارسة سياسة الهيمنة على المنطقة.
ورداً على العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في شباط الماضي، زادت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي من أنشطتها مع يوفور، وعقدت اجتماعات ضمت ممثلين رفيعي المستوى من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا.
في آذار الماضي، سافر الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، إلى البوسنة للقاء قيادة يوفور، ثم في نيسان، قامت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الأمريكيين بجولة في البلقان، على حد تعبيرهم، “لنقل الدعم الأمريكي المستمر لحلفائها وسط” العدوان الروسي” على أوكرانيا والتداعيات على الأمن الأوروبي في المنطقة.
التقى أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون والجمهوريون بممثلين عن يوفور وحلف شمال الأطلسي في البوسنة والهرسك. وقالت السفارة الأمريكية في سراييفو إن الاجتماع عقد “لمناقشة سبل تعزيز التعاون والشراكة”، هذا التنسيق الغربي سوف يجر البلقان إلى صراع جيوسياسي خطير.
على الرغم من الادعاءات القائلة بأن الاحتلال العسكري لحلف الناتو يهدف إلى الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، لكن الناتو لم يُظهر أبداً رغبته في رؤية سلام دائم ومصالحة بين دول البلقان، على العكس من ذلك، فإن عدم الاستقرار الإقليمي المتصور هو ذريعة موثوقة للحفاظ على وجود عسكري دائم في موقع هام واستراتيجي.
ومع ذلك، تماشياً مع الموقف التصعيدي المتطرف لحلف شمال الأطلسي في أوكرانيا نفسها، الذي يسعى صراحة للتضحية بأوكرانيا في حرب بالوكالة لإضعاف روسيا، لم يفعل الناتو شيئاً لتأمين أو طمأنة شعوب البلقان.
على الرغم من الأكاذيب العنصرية حول “الكراهية العرقية القديمة” والثقافات العنيفة، إلا أن الصراع المسلح وعدم الاستقرار تم فرضهما بشكل متكرر على البلقان من قبل القوى الأجنبية ذات المصلحة الذاتية، مستغلة الانقسامات الداخلية الموجودة في أي مكان آخر، والاستفزازات الخارجية هي التي تهدد المنطقة وليس أي صراعات أساسية بين شعوبها.
تصعيد الخطاب والإجراءات، وبشكل خاص من جانب الناتو، الذي يتمتع بتاريخ طويل من العدوان العسكري في المنطقة ووجود عسكري كبير في كل من جمهوريات يوغوسلافيا السابقة غير الأعضاء في الناتو، يعزز الخطر الجسيم المتمثل في تجدد أعمال العنف في المنطقة.

إن هذه الفترة من التاريخ خطيرة للغاية لمنطقة البلقان وأوروبا والعالم، فحسب ما صرح به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فإن خطر نشوب حرب نووية في الظروف الحالية “كبير”، وهناك حاجة ملحة الآن أكثر من أي وقت لتنسيق الجهود وتشجيع الدبلوماسية من أجل خفض التصعيد وإرساء السلام.

المصدر: Greanville Post

آخر الأخبار
التحول نحو الاقتصاد الحر.. خطوات حاسمة لدعم المصرف المركزي السوري فزعة الأشقاء.. الأردن يهبّ لمساندة سوريا في إخماد حرائق الساحل أول شحنة منتجات من المدينة الصناعية بحسياء إلى الولايات المتحدة الأميركية رئيس الجمهورية يتابع ميدانياً جهود الاستجابة لحرائق ريف اللاذقية  تشكيل مجموعة العمل المشتركة حول التقنيات المالية بين مصرف سوريا المركزي ووزارة الاتصالات 138 خريجاً من مدرسة التمريض والقبالة في حلب يؤدّون القسم تحفيز إبداع فناني حمص مبادرة وطنية لحفظ وتثمين التراث السوري الهيئة الوطنية للمفقودين تطلق المرحلة الأولى من عملها هوية دمشق القديمة.. حجر اللبون بين سوء تنفيذ.. وترميم غير مدروس بحث تطوير مطار حلب وخطوات جديدة نحو الإقلاع الاقتصادي حركة نشطة عبر معبر السلامة.. أكثر من 60 ألف مسافر في حزيران وعودة متزايدة للسوريين بين المصالح والضغوط.. هل تحافظ الصين على حيادها في الحرب الروسية-الأوكرانية؟. صحة حمص تطور خبرات أطباء الفم والأسنان المقيمين تخفيض أجور نقل الركاب على باصات النقل الحكومي بالقنيطرة أطباء "سامز" يقدمون خدماتهم في مستشفى درعا الوطني استجابة لشكاوى المواطنين.. تعرفة جديدة لنقل الركاب في درعا كيف تخلق حضورك الحقيقي وفعلك الأعمق..؟ حرائق الغابات تلتهم آلاف الهكتارات.. وفرق الإطفاء تخوض معركة شرسة للسيطرة على النيران سوريا وقطر تبحثان توسيع مجالات التعاون المشترك