الملحق الثقافي – شهناز صبحي فاكوش:
يغتنم الإنسان أوقاتاً يسعد فيها قلبه ينميها لساعات أو أيام، يدعو سعادته فيها بالفرح.. الفرح حق مكتسب لكلّ إنسان في مجريات حياته.. لابدأن تغشو بعضاً من أيام عمره أحزان، ثقيلة كانت أم عابرة، تترك بعضها ندباً في قلبه وصفحات عمره، تفقده بعض الفرح لكن قسرية سرقته مؤلمة.
نسمي بعضاً من أيامنا أعياداً وأخرى احتفالات وغيرها مناسبات، الأعياد تتكرر بفترات زمنية راسخة في أوراق التقويم، تملأ العالم بهجة وسعادة، يعيش فيها الأطفال ساعات فرح وغبطة تفعم ضحكاتهم فضاء ما بين الأرض والسماء. اقتنصت الحرب تلك الضحكات وحقهم بالفرح.
كم من الاحتفالات تمرّ في أيامنا، الوطنية منها تنعش الذواكر الإنسانية، عيد الاستقلال يرسخ قيماً بين النشىء الذي خربت الحرب تفاصيل حياته. الاجتماعية ترسخ المحبة بين أفراد المجتمع عيد الأم، المعلم، الشجرة، أيام تعزز إعادة بناء الإنسان السوري الممتلئ محبة عبر التاريخ.
المناسبات الخاصة أغلبها اجتماعي، هي آنية ووليدة وقتها، يهنئ الأفراد بعضهم فيها وتكون بين جمع كثير أو قليل، تدخل السرور والفرح على الجمع والحضور، أحلاها مناسبة نجاح، زواج، توقيع كتاب، توطد أواصر المحبة بمشاركة الأصدقاء والأقارب وتكون فرصة للتعارف.
الأعياد والمناسبات والاحتفالات كلّها حاضرة بين الأيام التي تمضي من عمرنا، الثابتة منها بمواقيتها، والمتداولة وفق حركة الأرض والكواكب، وكذا الآنية، جميعها لا تعبأ بعقارب الساعة وهي تطوي الأيام على ورق التقويم.. تذرف معها أيام عمرنا. الأهم أنها تملأ العالم بهجة وفرح.
تحضر المناسبات لتذكرنا بتواريخ لا تتبدل، منها ما ندعوه عيداً تيمناً بالأعياد التقليدية عيد الفصح عيد الفطر وبعضها اجتماعي يتجاوز حدود الوطن، عيد الطالب العربي، عيد العمال. الأعياد الدينية تجمع أحياناً الغائبين، تلم شمل الأسر، ينتشي الأطفال فيها بالعيدية طقس لا يغيب.
جميع الأعياد والمناسبات والاحتفالات، لها ارتكاسات على أصحاب العلاقة والمحتفين، المفرحة منها تحسن الحالة النفسية للأفراد، تزيد من أواصر الرحم والصداقة. تجمع أجيالاً مختلفة في ذات اللقاء، الجد والجدة والأحفاد والأبناء، ومن باعدت بينهم زحمة الحياة ومتاهاتها.
ناهيك عن تفقد أحوال المجتمعين علها فرص لرفع الحيف عن البعض، وترقيق القلوب والمسامحة ما بين الخصوم.. انعتاق من ضغوط الحياة، التعرف على مواليد جدد واطمئنان الكل على الكل. هي أحياناً فرص للاستجمام بتغيير المكان أو سفر مع العائلة أو مع الأصدقاء.
لا تغيب عن حياة المرء بعض المناسبات الحزينة، أعلاها تهجير قهري من وطن، يليها فَقْدُ غالٍ، أحزان تغتصب البسمة من الشفاه، تلقي مرساتها في مرافئ الحنين ولا يغشاها غبار السنين تحرق الوجدان وينز جرحها مدى العمر في وجع على من لا يعود، أو وطن عودته رهن الزمن.
الأهم في جميع المناسبات ألا تكون مكلفة، ولا إسراف فيها يرتب على المحتفين التزامات وأعباء تفوق قدراتهم، فترهقهم أو تحرمهم متعة اللقاء. خاصة في الأوضاع السائدة المفروضة على العالم أجمع.. لتكن لقاءات المناسبات والأعياد تهفو للحميمية، بأبسط الحاضر بعيداً عن التكلف.
الفرح حق مكتسب للجميع خاصة الأطفال، حين تسرقه الحروب، تترك الحزن والأسى حليف المشاعر، والدموع صديقة الليالي.. والعمر يهترئ تحت وطء القذائف فمن يعيد الحق بالفرح لأطفالنا، لشبابنا المسروقة أيامهم، ولكهول وكبار السن ما بقي من أيامهم ليعيشوها بسلام وفرح.
رقم العدد 1097
التاريخ: 31/5/2022