آنا أخماتوفا .. ملحمــــــة شعرية خالدة

الملحق الثقافي – مها محفوض محمد:

آنا اخماتوفا شاعرة روسية ملأت شهرتها العالم ، عرفت بالتزامها بقضايا وطنها الاتحاد السوفييتي ، وكتبت الشعر المقاتل كما يسمونه ، عن حياتها تقول :
تقول آنا اخماتوفا : عشت في طشقند وأنا أتحرّق شوقاً لالتقاط أخبار لينينغراد والجبهة ، وكغيري من الشّعراء ألقيت أشعاري مراراً للمقاتلين الجرحى الذين يعالجون في المستشفيات …كانت الأشعار هي رباطي بالعصر وبالحياة الجديدة لشعبي وعندما كنت أكتبها كنت أعيش على تلك الإيقاعات التي تتردد عبر التّاريخ البطوليّ لبلادي ، وإنّي لسعيدة ،إذ عشت هذه السّنوات ورأيت تلك الأحداث التي ليس لها نظير .. من نصوصها الخالدة نقتطف..


شجاعة
نحن نعلم ما في كفّة الميزان موضوع
وماذا يحدث السّاعة
وأوان العزم قد حان
ولن تتركنا اليوم الشّجاعة
نحن لانخشى الرّدى تحت الرّصاص
لا ، ولن نجزع أن نحن بقينا دون ماوى ..
غير أننا سنصون الكلمات ..
لغة الرّوس العظيمة ..
سنحملها إلى الأحفاد طاهرة ًكريمة ً
من قيود الأسر نحميها ..إلى الأبد ّ
(شباط 1942)
بلادي عدت قويّة
مرّت خمسة أعوام وداويت ياوطني
جراح الحرب القاسية
عادت حقولك يابلادي
ترفلُ في الّسكون العميق
وأضاءت المنائر في ظلام الليل
لترشد الملّاح للطّريق
والبحارة في عرض البحر
يتطلعون إليها كعيون الأصدقاء
وحيث صلصلت الدبّابة ..يسير جرار وادع
وحيث زارت الحرائق ..تمتدّ حدائق غنّاء
وسيارات الرّكوب تنطلق الآن
على الطّرق التي حفرتها القنابل ..
بلادي عدت حرّةً قويّةً ، لك في كنز ذاكرة الشّعب
ستبقى دوماً
رماد سنوات الحرب .
ولحياة الأجيال
الجديدة في ظلّ السّلم
تنهض من قزوين إلى بحار الشّمال
المدائن الجديدة الضّخمة
نصباً للقرى المحروقة
وقد تمّ استلهام سيرتها الذاتية وتحويلها إلى اوبرا ،فلأول مرة في تاريخ الأوبرا تتحول السيرة الذاتية لشاعرة الأدب الروسي الأولى آنا أخماتوفا الى عمل أوبرالي اعتبر قمة الأعمال الأوبرالية وقد تم عرضه على مسرح دار الاوبرا في باريس.منذ عدة سنوات
اخرج العمل وكتب موسيقاه نجم الموسيقا الفرنسية في التلحين والتأليف برينو مونتوفاني البالغ من العمر ستة وثلاثين عاماً.
وقد أعاد في مسرحية أخماتوفا إحياء موسيقا الدراما الاوبرالية بأسلوب معاصر، والسؤال لماذا اختار الموسيقي الفرنسي هذا الوجه النسائي دون غيره ؟
اختارها ليجعل منها بطلة أوبرالية رومانسية تظهر من خلالها العلاقة القائمة والمتوترة بين ابن ووالدته عوضاً عن العشيق والعشيقة كما في الاوبراليات والمسرحيات المألوفة.
فالاختلاف بين اوبرا كلّ من فاوست ل ايغونو ودون كارلو و لوتيا دو لاميرمور للموسيقي دوني زيتي وبين اخماتوفا ليس كبيراً اذ إنه في تلك الأعمال جميعها كانت المرأة نجمة العمل الأوبرالي وهي الانثى الجميلة الرومانسية البريئة التي تتعرض للظلم والملاحقة للنزول عن عرشها وقد حاول كلّ من مونتوفاني وكريستوف كريستي الذي ساهم معه في كتابة النص ابراز حياة اخماتوفا بأحلى صورة فهاهي المشاهد بين شاعرة روسيا وبين حاسديها تظهر اخماتوفا وقد جردت من أساليب دفاعها أمام هجماتهم لكنها ظلّت عصية على هؤلاء.
وتشارك المطربة الالمانية جانينا بايكل في دور البطلة الشاعرة بصوتها الرخيم حيث تبدو اخماتوفا في قمة ألقها وشاعريتها حين تنشد المطربة قصائدها على خشبة الأوبرا.
المعروف ان انا اخماتوفا ولدت في بيئة شبه برجوازية عام 1889 وشبت في بطرسبورغ لتنشر أولى قصائدها التي أدّت الى شهرتها في سن مبكرة (23 عاماً) وغطت نجوميتها على عشرات الادباء والشعراء في روسيا القيصرية مع مطلع الثورة، كان والدها مهندسا في بحرية القيصر دخلت كلية الحقوق في كييف ثم كلية الاداب في بطرسبورغ وتنقلت بعدها الى ايطاليا وفرنسا حيث رسمها الفنان الكبير موديلياني في لوحة شهيرة.
أولى مجموعاتها كانت «المساء» عام 1912 ثم «المسبحة»عام 1914
لقد حملت اسطورة اخماتوفا لها الغيرة والحسد حين لقبت بـ سافو روسيا الحديثة وسيطرت قصائدها خلال نصف قرن على الشعر في وطنها،تزوجت عام 1908 نيكولا غوميليف عراب النهضة الروسية الشعرية الذي صنع مع زوجته مايسمى «القرن الفضي للشعر» بعد القرن الذهبي لبوشكين وأسست اخماتوفا وزوجها مع صديقيهما مانديل ستام ألاكمييزيم وهي حركة شعرية تناهض الرمزية كانت تسيطر على الساحة انذاك ونشرت اخماتوفا مجموعتها الثالثة «الطائرة البيضاء»عشية الثورة
رزقت بابنها الوحيد ليف وبعدها قتل زوجها في ظروف غامضة بتهمة التآمر على القيصر ثم تزوجت شيليكو العالم المستشرق وظهرت مجموعتها «السنة المقدسة»عام 1923
بعدها انصرفت الى الترجمة وكتبت عدة دراسات عن بوشكين تم نشرها عام 1940.
عبرت عن آلام الشعب الروسي في ظل حصار لينينغراد ودونت جدران المدينة ابيات قصيدتها الشجاعة «القسم».
في عام 1961 ظهرت سيرة حياتها ليكشف الجمهور الروسي عن عظمة تلك الشاعرة الوطنية، نشر لها في نيويورك «القصيدة دون بطل» عام 1960 وحصدت عدة جوائز عالمية منها الجائزة الدولية للشعر في ايطاليا 1964، منحتها جامعة اوكسفورد دكتوراه فخرية عام 1965،توفيت عام 1966
تتميز أعمالها بنفحة ملحمية وخلفية تاريخية.
إن اقتباس الاوبرا عن اخماتوفا أعظم شاعرة أنجبها الأدب الروسي يعيد للشاعر دوره كملهم ومرشد لأمته حين يبني تاريخها .

رقم العدد 1097
التاريخ: 31/5/2022

آخر الأخبار
الدفاع المدني في اللاذقية يسيطر على حرائق عدة بالمحافظة غرفتا الصناعة والتجارة في حلب تبحثان آفاق التعاون وتوحيد الجهود لخدمة الاقتصاد المحلي  د.نهاد حيدر ل"الثورة".. طباعة عملة جديدة يحتاج لإجراءات إصلاحية  ينعش آمال الأهالي ببيئة أنقى.. قرار بوقف "الحرّاقات" في عين العبيد بريف جرابلس  ضبط تعديات على خطوط ضخ المياه بريف القنيطرة الجنوبي تراجع ملحوظ  في إنتاجية العنب بدرعا.. وتقديرات بإنتاج 7 آلاف طن   وزير الاقتصاد يبحث في حلب مع وفد تركي فرص التعاون والتطوير العقاري حلب تستضيف الندوة التعريفية الأولى لمشروع "الكهرباء الطارئ" في سوري الإنسان أولاً.. الصحة تطلق مشاريع نوعية في ذكرى استشهاد محمد أمين حصروني بحث عودة جامعة الاتحاد الخاصة وتسجيل طلاب جدد التحالف السوري- الأميركي يدعو الكونغرس لرفع كامل العقوبات عن سوريا لتراجع إنتاجيته .. مزارعو عنب درعا يستبدلونها بمحاصيل أخرى تركة ثقيلة وخطوات إصلاحه بطيئة.. المصارف الحكومية تراجع دورها ومهامها استئناف العمل بمبنى كلية الهندسة التقنية في جامعة طرطوس فرص استثمارية ودعم للمبدعين.. "التجارة الداخلية" في جناح متكامل بمعرض دمشق الدولي "الجريمة الإلكترونية والابتزاز الإلكتروني".. التركيز على دور الأسرة في مراقبة الأبناء وتوجيههم إزالة 22 تجاوزاً على مياه الشرب في درعا سبعة أجنحة للاتحاد العام للفلاحين بمعرض دمشق الدولي.. غزوان الوزير لـ "الثورة": منصة تلقي الضوء عل... " سوريا تستقبل العالم " .. العد التنازلي بدأ.. لمسات أخيرة تليق بدورة معرض دمشق الدولي    ترامب يهدد مجددا بفرض عقوبات على روسيا