الملحق الثقافي – سعاد زاهر:
بلا جواب مقنع بقي سؤالها، لماذا الكاري…؟.
تلك الرائحة التي رافقتها، تنزلق إلى حواسها وتعلق بذاكرتها لا ينفع معها أي شيء.
كلما تذكرتها، تتلمس أنفها، وتسارع للمشي، سر غريب سيطر عليها، وأفقدها أي رغبة أخرى، مؤمنة أنها قد تموت لأجله، بمجرد قدومها من لقاءات محدودة، انسلت من كل شيء، شفيت وعادت كأنها خلقت للتو، فارغة من كل شيء إلاه..
حاولت التحلل، وراهنت على الخلاص وهي ترسم جودها بعيداً عنه..بحذر شديد تصعد درجات الطائرة الحديدية متخففة من أمتعتها تنزلق أمامها تعابير وجهه الساحرة، شيء ما يشبه الإدمان… يجعل الانجرار خلفه أسهل مما توقعت.
وها هي تقتنص من كل هذا الضجيج الذي حولها، فرصة للاختفاء في مقعد لحسن حظها، أنه قرب النافذة مباشرة، وتذهب في رحلة ذهنية الى كل الأماكن الهندية …الأطعمة التايلاندية، وبهارات الكاري التي تحيط بالمكان خاصة في تلك النهارات الصباحية حيث تمارس رياضتها المشي قربه، كأنها تحتمي به.
كل الأمكنة لنا… أي مكان تختارين ..؟!
مجرد كلمات بسيطة لكنها كالسحر، تجعل قلبها يتراقص، إن قيلت في ظرف اعتيادي مبهجة، فكيف وهي مازالت تشم روائح دخان حرب، كلما أوشكت على التلاشي أتى من يرممها مجدداً..
كانت تنسى وجوده، تغرقها الأفكار، وتهاجمها الخيالات وتبتعد إلى حيث أتت، حين كان يعجز عن جرها إلى اللحظة الآنية، سخريته اللاذعة كانت تفعل، تفاصيل بسيطة تعلمتها تشبه مزيج البهارات الهندية التي إن لم تجد من يتقن مزجها ومن ثم طهيها فستفقد سرها.
الحالات الساحرة لا تحدث إلا مرات نادرة في الحياة، إن تمسكنا بها نجونا، في مرة سابقة لم تفعل، واعتقدت أنه سيكون وداعاً اعتيادياً جداً.. الآن لا تصدق أنها فعلت المستحيل كي تراه ثانية…!
دبلوماسيته العتيقة ..جعلتها توقن أنه هذه المرة سيتقن إدارة اللقاء وصناعة ذكريات مبهرة، وهي مصرة أن تترك حاستها تلتقط كل الروائح الفريدة، دون أن تنسى مذاق الكاري..!.
رقم العدد 1097
التاريخ: 31/5/2022