الثورة – عبد الحليم سعود:
تصادف اليوم الذكرى الخامسة والخمسين للحرب العدوانية التي شنها الكيان الصهيوني على العرب، حيث احتل هذا الكيان الغاصب المدعوم من الدول الغربية مدينة القدس والضفة الغربية التي كانت تحت الوصاية الأردنية، وقطاع غزة – تحت الوصاية المصرية – بالإضافة إلى سيناء المصرية والجولان العربي السوري، وقد جاء هذا العدوان استكمالاً لنكبة عام 1948 التي قامت العصابات الصهيونية من خلالها باغتصاب معظم فلسطين التاريخية، وتشريد شعبها بتواطؤ بريطاني وغربي، وتنفيذاً لوعد بلفور المشؤوم الذي مهد الطريق لإنشاء هذا الكيان العنصري الإرهابي.
لقد أثبتت حرب حزيران العدوانية أو “النكسة” كذب ادعاءات الصهيونية العالمية التي تم ترويجها على مدى سنوات طويلة حول ما يسمى “مظلومية” الشعب اليهودي، وتعرضه المزعوم للإبادة الجماعية والتهجير على يد النازية الهتلرية في إطار بحثه عن وطن قومي يأويه، إذ إن ما ارتكبته العصابات الصهيونية خلال حربي “النكبة والنكسة” وما بعدهما ضد الشعب الفلسطيني وبقية الشعوب العربية كان أفظع وأشد بشاعة من كل ما قامت به جيوش النازية وجيوش الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
كما أثبتت حرب حزيران العدوانية أن للكيان الصهيوني أطماعاً توسعية تتجاوز حدود فلسطين التاريخية وتلتقي مع شعاراته التلمودية حول حدود “إسرائيل” المزعومة من الفرات إلى النيل، وهو ما لحظته قرارات الأمم المتحدة ولاسيما القرار 242 الذي حاول إرساء مبادئ السلام العادل في الشرق الأوسط عبر الطلب من “إسرائيل” الانسحاب من جميع الأراضي العربي التي احتلتها عام 1967 وقد جاء هذا القرار بعد أشهر عديدة من عدوان حزيران.
وقد جاء في نص القرار الأممي الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي بتاريخ 22/11/1967 ، لإقرار مبادئ السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط، إن المجلس يعرب عن ” قلقه المتواصل بشأن الوضع الخطر في الشرق الأوسط، وإذ يؤكد عدم القبول بالاستيلاء على أراض بواسطة الحرب، والحاجة إلى العمل من أجل سلام دائم وعادل تستطيع كل دولة في المنطقة أن تعيش فيه بأمن”.
وتابع ” يؤكد أيضاً أن جميع الدول الأعضاء بقبولها ميثاق الأمم المتحدة قد التزمت بالعمل وفقاً للمادة (2) من الميثاق.
يؤكد المجلس أن تحقيق مبادئ الميثاق يتطلب إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، ويستوجب تطبيق المبدآين التاليين:
أ – سحب القوات المسلّحة من الأراضي التي احتلتها (إسرائيل) في النزاع الأخير.
ب- إنهاء جميع ادعاءات أو حالات الحرب، واحترام واعتراف بسيادة وحدة أراضي كل دولة في المنطقة، واستقلالها السياسي، وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة، ومعترف بها، وحرة من التهديد وأعمال القوة.
ولكن حتى اليوم لا شيء تحقق من هذا القرار حيث تستمر “إسرائيل” باحتلال القدس والضفة الغربية والجولان العربي السوري، وتواصل اعتداءاتها اليومية على الفلسطينيين محاولة اقتلاعهم من أرضهم، فيما تحاول بكل السبل ترسيخ احتلالها غير الشرعي للجولان العربي السوري عبر استدراج بعض الدول الداعمة لها والمتواطئة معها للاعتراف بسيادتها الباطلة على الجولان المحتل في تنكر واضح وانتهاك فاضح للقرار الدولي المشار إليه، وهذا ما يعرض السلم والأمن في المنطقة للخطر، ويجعل المنطقة مجدداً أمام احتمال اندلاع حرب جديدة في أي لحظة، إذ يكفل القانون الدولي لسورية استرجاع أرضها المحتلة في الجولان بكل السبل الممكنة والمتاحة، وهي لن تتخلى عن حقها في استرجاع أرضها وإعادة كافة المهجرين إليها وبسط سيادتها عليها تحت أي ظرف من الظروف.
في المقابل تواصل “إسرائيل” استخفافها بالشرعية الدولية، وتستمر بمحاولات تصفية القضية الفلسطينية عبر سياسة التوسّع الاستيطاني في الضفة الغربية وفرض سياسة الأمر الواقع، وكل ذلك بدعم أميركي وتواطؤ غربي وصمت أممي مريب، إذ لا يكاد الدور الأممي يتجاوز حدود تذكير كيان الاحتلال بضرورة تنفيذ القرار 242 دون اتخاذ أي إجراء يلزمه بذلك.
التالي