تجوال فكري، وربما مهرجان تنقض فيه الأفكار المتدافعة كل منها تريد امساك دفة القيادة، دون أن ينجح أحد في فعلها..!
يتحول الأمر إلى مشكلة حين لا يجد أياً منها مكاناً يرسو قربه، أو ملجأ يحتمي به من فرط تحركاته الفكرية.
تعاركك الذهني معها، لا يجدي، بل تتناثر أفكار تشبهها، وتشدّ على جملها سعياً لتمكينها منك..
وأنت توقن في لحظة أن صراعك مع أفكارك عبثي حدّ الجنون، وأنك عاجز عن القفز فوقها بعد أن تمسكت بها دهراً..وحين تعتقد أن بإمكانك رميها على أول درب تهمله أبداً …فإذا بكلّ الدروب تفضي إليها.
ليست المشكلة حين تتم مقارنة أفكارك الجديدة بالقديمة ولكن لدى فقدان السيطرة على كليهما فتتصارعان في غلبة لإحداهما على الأخرى، كانك في محاكمة ذاتية، بعيداً عن كلّ الأعين.
ويزداد صعوبة الأمر حين تعقد مقارنة بين فلسفة الماضي والحاضر…
هل تنجيك إحداها من ضجيجك الداخلي، من دربك الاعتيادي، من نور باهت، لم يعد ينير حتى ظلك..
كيف تنسحب من فلسفة اعتقتها دهراً، ولم تفض بك إلى أي نتائج ولم تعبر بوابات ترى بعدها أنك في مكانك الملائم، مكتمل الأركان .
استمرار حالة التأرجح يجعل كلّ فكرة تصرخ في وجه الأخرى راغبة في نفيها..
أحيانا تود لو أن بإمكانك الهرب من الأفكار المتصارعة، نحو حالة روحية تتلبسك ..لربما حين تعتنق الأحاسيس، تتلمس جمالية حقيقة تعكس مضموناً لا يضاهى، لايقل أهمية عن فلسفة مبتكرة
تتماهى مع سلوك وروحية تبقيك دائماً في مأمن من كلّ التقلبات ومناخات الحياة التعيسة.
كلّ هذا بالتأكيد لايكفي.
لن ترى الفرق إلا حين تتغير الأمكنة، ومع هذا الانتقال تحتاج إلى نسف ذاكرة فكرية وربما بصرية، أما الروحية فهي تعيد تعبئة وبرمجة ذاتها دون تدخلات أي طرف أسود, وحينها تلقائياً تكتشف انك انفلت بيسر وسهولة نحو فلسفة مغايرة، بالتأكيد بناءة بما يكفي لتنير كلّ ماحولك.