أهلك من الهالوك

 

يتكبّد الكثير من المزارعين جهوداً مضنية .. وفوقها خسائر فادحة جراء ذلك النبات الطفيلي الذي ينمو على حساب غيره من المحاصيل الزراعية.

والطفيليات النباتية كثيرة غير أن أبرزها ( الهالوك ) الذي يبدأ رحلة فساده للمحاصيل بأن يلتصق بالجذور الثانوية للنبات المتطفّل عليه، وما أن يتحكّم حتى يُعلق ممصاته بقوة ويرسلها إلى داخل الجذور، ثم تتعمق لتصل إلى الأنابيب الوعائية ليتغذّى هذا الهالوك ويزدهر على حساب ذلك النبات الذي تضيع عليه جهوده في إنتاج الغذاء، حيث يخسر ذلك الإنتاج ولا يستطيع إيصاله إلى ساقه وأغصانه وأوراقه ولا إلى ثماره، لأن الهالوك يكون قد نصب شبكة ممصاته على الجذور، لتقوم بامتصاص ومصادرة ما تنتجه الجذور من الغذاء، فيجوع النبات ويصاب بنقص التغذية ويذبل، في حين يزدهر الهالوك ويزداد انتعاشاً.

غير أن الهالوك معذور – نوعاً ما – لأنه أولاً بلا عقل، ثم لا يمتلك خياراً غذائياً آخر غير هذه الطريقة، فهو غير قادر على إنتاج الغذاء، ولهذا يلجأ إلى غذاء غيره ويتصيّدة، ولكن وعلى الرغم من ذلك فإنها تبقى ميزة خسيسة فيه، تقتضي مجابهته بقوة، وهذا ما يحصل فما أن يبدأ بالظهور حتى تبدأ أيادي المزارعين بمكافحته واقتلاعه لضمان سلامة مزروعاتهم.

ولكن ماذا يفعل المزارعون .. وماذا نفعل نحن جميعاً عندما يكون الهالوك بشرياً ويمتلك العقل والخيارات المتعددة التي تتيح له مجالات الابتعاد عن أغذية الآخرين وحقوقهم ..؟!

ففي الوقت الذي نعيش فيه بمثل هذا الواقع المعيشي الصعب، الناجم أساساً عن عقوبات جائرة ضد بلادنا، وعن حصار اقتصادي مُطبقٍ ومُفتعل باختلاق أسباب لا وجود لها أصلاً، كان من المفترض أن نكون يداً واحدة في مواجهة هذا الواقع كي نتمكّن من التخفيف ما أمكن عن بعضنا البعض من ارتدادات تلك العقوبات وذاك الحصار، ولكن من المؤسف فعلاً والصادم أن الحصار والعقوبات باتت أقل وطأة بكثير من ذلك الهالوك البشري الذي يعيث في مصاعبنا ومآسينا فساداً، ويتقصّد العيش متطفلاً على فتات وبقايا حقوقنا الممكنة والمتضائلة، فلا يتوانى عن تصيّدها واقتناصها بمنتهى الخساسة.

في الواقع لا نكاد نفهم كيف أنه في الوقت الذي تتعرض فيه حقول النفط والغاز السورية للنهب والسرقة، ونُحرم كمواطنين من هذه الثروات، وفي الوقت الذي تتعرض أسواق النفط في العالم إلى اضطرابات وارتفاعات مخيفة، وفي الوقت الذي يعرف فيه القاصي والداني أن الناقلات التي تشحن النفط إلى سورية تتعرض للكثير من المصاعب والمصادرة والقرصنة أحياناً، وفي الوقت الذي يتعرض فيه المواطنون إلى متاعب مرهقة من أجل تأمين مخصصات شحيحة من الوقود ..؟ ومع هذا ففي كلّ يوم نسمع عن انتهاكات فظيعة للقانون وتطفل على حقوق الناس التي يرتكبها هنا هالوك بشري على شكل أصحاب محطات وقود، احتكار للمشتقات النفطية، وإعداد بعضها للتهريب، وتلاعب بالعدادات وبالكميات، وتجميع بطاقات الكترونية، وتقاضي أسعار أعلى من السعر المحدد، وتغذية مستمرة للسوق السوداء .. وما إلى ذلك.

هؤلاء أهلك من الهالوك، لأنهم يمتلكون العقل والادراك والخيارات النظيفة بعيداً عن التطفل إن أرادوا، ويعلمون علم اليقين ما هي المصاعب الفظيعة التي تتكبدها الدولة من أجل استيراد الوقود، ولكن .. وعلى الرغم من تعرضهم لمخاطر العقوبات والإغلاق نرى أن الإصرار يجتاحهم لمتابعة ممارساتهم التطفلية، ضاربين كلّ الفضائل بعرض الحائط، فهؤلاء لا حلّ معهم سوى الاقتلاع والتلف .. كما يُقلع الهالوك ويُتلف.

آخر الأخبار
طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران