يُسألُ الحكماء عادة لحلّ الأمور المستعصية ويُؤخذ برأيهم دون نقاش، وقد تكون العقدة الحقيقية عندما يكون هؤلاء يلبسون عمامة الحكمة فتسير الأمور عكس ما يجب أن تكون عليه. ولعل ما يحدث في بعض الامتحانات أصبح موروثاً لا يغير شيئاً من واقع العقدة التي بدأت تلتف حول بعض الأمور الامتحانية.
لقد انتهت امتحانات الثانوية العامة إلا ان المنغصات التي تجرى بها، تجعلها صعبة النسيان. فرغم كل التحضيرات التي تسبق هذا الحدث الكبير لدى المجتمع التربوي، ورغم الاستنفار الذي تعلنه وزارة التربية إلا ان الأسئلة الامتحانية لاتخلو من بعض الاخطاء وعدم التناسب بين الوقت المعطى للطالب وصعوبة الاسئلة. فلا تكاد تخل اي دورة امتحانية من خطأ ما. سواء في اللغة العربية حيث يقع الطلبة في حيرة من أمرهم. أو في الرياضيات، أو في اللغة، أو الجغرفيا او … إلخ مما يرهق الطلبة وهم في أشد الحظات صعوبة. وكأنه لا بدّ من أن يكون هناك خطأ في مادة أو أكثر. حيث يستنزف جزءاً مهماً من وقت الطالب ريثما يتم تصحيحه.
ولكن البديهي والمنطقي ألا يكون هناك أخطاء في الأسئلة الامتحانية طالما أنها تحضر في غرف مغلقة من قبل خبراء المادة العلمية وتخضع للتدقيق والفحص والسرية فكيف تتسرب إليها هذه الأخطاء، ويبدو من غير الطبيعي أن تنصرف التربية للحديث عن العقوبات والمخالفات الامتحانية التي قد يقع بها بعض الطلبة وتتناسى موضوع الأخطاء في الأسئلة الامتحانية ومعاقبة المراقبين المسيئين للعملية التعليمة بحيث يتسبب الكثير منهم في توتر الطلبة وضياع أفكارهم، بسبب طريقة التعامل غير الصحيحة من قبل البعض منهم، خلال الجلسات الامتحانية.
ان هذه الامتحانات المصيرية بالنسبة لربع مليون طالب وطالبة .. تدفعنا للتفكير بشكل جدي بضرورة وجود دورات خاصة لتأهيل المراقبين وطريقة معالجة الأمور الطارئة التي تحدث أثناء الامتحانات؟ وربما الأهم هو البحث عن طريقة مراقبة لا يقطع بها الإنترنت خوفاً من الغش، وخاصة بعد أن تكررت التجربة على مدى سنوات متتالية، ولم يتغير شيئاً من واقع التسرب للأسئلة أو من نتائج الثانوية غير المرضية بين منطقة وأخرى. فهل عجزت العقول في وزارة التربية عن إيجاد حلول أخرى مبتكرة لمنع الغش بدلاً من الانقطاعات المتعلقة بالانترنت؟ وهل حاولت التدخل لمحاسبة المكتبات التي تحضر نوطاً صغيرة جداً ليستخدمها الطلبة في الغش وتجني من ورائها المبالغ الطائلة؟ للأسف رغم الاجتماعات المستمرة في هذه الوزارة العريقة إلا أنها حتى الآن لم ينتج عنها حلول وصُيغ صحيحة وتربوية منصفة للطلبة وللمراقبين. إن تكرار الحلول الساذجة والروتين المتبع الذي يعطي نفس النتيجة ويعيد مشهد الأخطاء والمشكلات التي تتكرر كل عام يدفع للتساؤل أين هم المستشارون والتربويون المبدعون في هذا القطاع الكبير.