حجر الأحمق وتلال النار

ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير علي قاسم:

تشي لغة التوصيف الوضيعة التي يتسلقها أردوغان وزمرته حيال التسريبات الإعلامية والتسجيلات الصوتية لطاقمه السياسي والعسكري بما هو أبعد مما في مضمونها, على خطورته
وما فيه من فضائح، وقد احتوى ما يكفي من المؤشرات على النسق العدواني الذي يستوطن تفكيرهم، وعلى الشر المستطير في خياراتهم.‏

وإذا كانت تصريحات داود أوغلو وأردوغان نُسخاً مستوردة من النسق ذاته لمكونات الفضيحة وتداعياتها، فإنها في الوقت ذاته تسجل على ضفة الحسابات المفصلية نقطة مبارزة بين ما تقوم به وما يرتد على الضفاف الموازية له سياسياً وإعلامياً، وأخيراً مصيرياً.‏

ما يستدعي التوقف طويلاً أن تلك التسجيلات بمضمونها تفيض على ما حولها من حبال الكذب المتلونة والجاهزة للتبرير تحت ضغط الفضائح التي تجتاح دوائر القرار الأردوغاني وهي تمارس سطوتها المبيّتة في كل الاتجاهات على قاعدة من التسويغ الفاضح والتبرير الذرائعي المقيت الذي بات حجّة أقبح من الذنب ذاته.‏

ربما.. لم يكن أحد في هذا العالم بحاجة إلى أدلة وقرائن ليتأكد من تورط حكومة أردوغان في الكثير مما جرى ويجري في سورية، ولا لإثبات العلاقة المباشرة بين زمرة أردوغان والإرهابيين والتنسيق العالي المستوى.‏

ولم يكن هناك من يحتاج إلى براهين تثبت التخطيط التركي والبحث المحموم عن ذرائع تصلح لتفجير الوضع من جهة، وتخدم أجندة أردوغان لمواجهة السيل العارم من احتجاجات الشارع التركي من جهة ثانية، بحيث يخلط الأوراق ويقدم نفسه بصورة المنقذ الذي لا غنى عنه في تركيا.‏

غير أن ذلك كله لم يكن يسمح لأكثر السيناريوهات مبالغة أن يصل إلى حد السذاجة في الافتراض، حيث طرح المخططون كل الخيارات وتجاهلوا ردة الفعل، ووضعوا معادلات افتراضية وحسابات وهمية حسب مزاجهم وتمنياتهم، وهو ما أوصل المسألة إلى حدّ الحماقة غير المحسوبة، إذ بدت في صورتها الأولى واحدة من فصول الأفلام الدعائية الرخيصة.‏

ما كان علامة فارقة في كل الحسابات المعمول بها أردوغانياً، تحوّل إلى أحجية ومجموعة من الألغاز التي يصعب فك رموزها دون أن ترتبط مباشرة بالعقل الذي تراكمت أخطاؤه ولم يمتلك الجرأة السياسية لإبداء المراجعة التي أُتيحت أكثر من مرة.‏

وبدل البحث عن بوابات للخروج، والتي كانت تظهر في بعض الأحيان للدعاية الإعلامية والبروباغندا، كان العمل يجري من تحت الطاولة ومن خلف الكواليس للغوص أكثر في القاع، حيث انجرف أردوغان خلف أوهام لم يستطِع التخلص منها، محكوماً بالنتيجة التي تفضي تلقائياً إلى الجزم بأن رحلة العودة باتت مستحيلة.‏

في التسجيلات المسرّبة إعلامياً قد لا تكفي العناوين لقراءة ما يجري بدقة بقدر ما تحاكي وضعاً كان من الصعب تجاهل مرتكزاته وعوامل حضوره بهذه الطريقة، باعتبار ان النتائج التي سيقود إليها لا تحتاج إلى شرارات كي تشعل حرائق ستمتد بالضرورة إلى خارج المنطقة، ولن تُبقي ما يصلح حينها للقياس أو للمقارنة.‏

على هذه القاعدة، ليس التهوّر التركي فقط عودة إلى الذاكرة الجمعية لفهم الحماقة السياسية المتكررة التي أقدمت عليها حكومة أردوغان، وهي تصطف في نهاية المطاف على أجندات المواجهة المفتوحة في الداخل التركي الذي يجد نفسه مضطراً للخوض في اختبار الخيار والمحاسبة المبكرة، بل يمثّل قصفاً تمهيدياً لتسليك الممرات المستعصية في فهم أبعاد المغامرة، وجدولة لبنودها وتراتبية حضورها على لائحة خطوات حكومة العدالة والتنمية التي تلهث في تطويق نتائج الفضائح المتتالية بطريقة تزيد انتشارها.‏

لسنا بوارد المقارنة لا مع التاريخ ولا في السياسة ولا في أي مجال آخر، حيث لا تصلح المقارنة ولا تجوز، لكن من باب القياس والمعايرة التاريخية التي تستبطن الكثير من التجارب المتاحة للاستدلال إلى المجون السياسي والطيش العسكري الذي كان عود ثقاب أشعل خلفه عشرات الحروب التي عجز عن إخمادها حكماء العالم وخبراؤه، فكيف الحال والمنطقة أتخمتها تجارة الموت ومحترفي الكذب والدجل والنفاق واستوطن فيها الحمقى والعابثون بالتاريخ والوجود، فيما يقف خلفهم غرب يزخر بهواة الحروب والقتل وبمحترفي الموت والدمار؟!!‏

قالوها: «مجنون يرمي حجراً.. وكل العالم يعجز عن انتشاله» واليوم نقول أوقفوا هذا الأحمق وقد رمى بتلال من النار، ويشهر أصابعه في تأجيجها، وهي تتدحرج أمام العين الغربية والأميركية التي لم ترَ ما هو غير طبيعي على الحدود السورية التركية، ولم تسمع في تلك التسجيلات ما يستحق التعليق، وقالوا أيضاً لا حياء في الطب وقد أعيته الحماقة فالعزل والحجر ضرورة طبية، ومع حكومة أردوغان يصبحان أكثر من ضرورة في السياسة كما في الميدان.‏

a.ka667@yahoo.com ‏

آخر الأخبار
دراسات لمشاريع تنموية في درعا ضربات جوية تستهدف مناطق بريف إدلب تخلّف قتلى وجرحى كتّاب اللاذقية يطالبون بمشاركة أوسع وتحسين واقعهم المادي السورية للاتصالات: انقطاع الانترنت سببه عطل فني مؤقت تأمين مستلزمات العملية الامتحانية بالتعاون مع "اليونيسيف" الشرطة السياحية.. تعزيز للثقة بين السياح والمجتمع المحلي إزالة ألغام ومخلفات حربية في درعا  اقتصاد العيد.. يرفع حركة الأسواق 20 بالمئة السلم الأهلي.. ترسيخ القيم الاجتماعية والمبادئ السماوية د. عليوي لـ"الثورة": محاربة الجريمة بكل أشكا... ملك الأردن والرئيس اللبناني: أهمية الحفاظ على أمن واستقرار سوريا السّلم الأهلي.. يرسم ملامح سوريا ويخطّ مسارها الوطني تأمين نقل للمراقبين والإداريين المكلفين بالامتحانات في جرمانا "يديعوت أحرونوت":  استغلال ولاية ترامب للتوصل لاتفاقيات مع الدول العربية  توزيع بطاقات الامتحان بحلب لطلاب التعليم الأساسي اقتصاد " الأضحى"  نقلة جديدة.. السفكوني لـ"الثورة": محرك الأنشطة والإنتاج "سويفت" قاب قوسين.. د. كنعان لـ "الثورة": يحفز النمو والاستثمار في الاقتصاد السوري السياحة تعمم إجراءات السلامة والأمان في الشواطئ والمسابح فضل عبد الغني: رفع العقوبات الأميركية عن سوريا تحوّل استراتيجي يفتح باب الفرص مواطن بلا سمك.. و٢٩٨ نوعاً من الأسماك  حصة الفرد لا تتجاوز الكيلوغرام سنوياً.. سوريا ثانياً في قائمة مستوردي المركبات من الأردن