تبقى الرقابة هي الضابط والضامن للتصدي لجميع المشاكل، وعندما تغيب أو تفقد دورها فإن الأمر يتحول إلى تجارة رخيصة تحلل كل شيء في سبيل الكسب المادي.
صناعة الأدوية في سورية مرت كغيرها من الصناعات بظروف الحرب والحصار والعقوبات والاستهداف، ودفع المواطن الثمن فتنقل من مشكلة ارتفاع سعر الدواء الى مشكلة فقدانها ليصل اليوم إلى المرحلة الأخطر التي قد تقضي عليه وعلى الصناعة الدوائية التي دخلنا بها إلى أكثر من خمسين بلداً منها تُصنف دولاً متقدمة، المشكلة المهددة للمواطن والصناعة الدوائية هي امتلاء الصيدليات بأدوية مجهولة المصدر، وبالتالي المواصفة والفعالية، فمن يراقب السوق الدوائية؟ ومَن سيحمي صناعتها ويحمي المواطن من أخطارها؟
لا شك أن غياب الرقابة على الأدوية تسبب في نشاط تجارة غير مشروعة، وساهم في علانية بيعها في الصيدليات وحتى في الترويج لها إلى أن باتت خطراً يهدد حياة المواطن بشكل مباشر، ونسف كل ما قدمته الدولة من دعم لهذا القطاع في التصنيع وحتى مَن عمل في استيرادها بشكل نظامي.
بالمطلق المواطن غير قادر على تحديد فعالية الدواء، ولا معرفة مصدره، ولا تحديد السعر، ولكن هناك جهات متعددة معنية بالأمر، منها له علاقة بحماية صحة المواطن، ومنها له علاقة بحماية الصناعة الدوائية، ومنها له علاقة بحماية الاقتصاد الكلي للبلد والذي يعتبر التهريب أكبر مهدد له.
سورية بلد يمتلك أهم مقومات الصناعة الدوائية، ويُمكن أن تكون هذه الصناعة من الصناعات الرائدة التي تقوم عليها حلقات أخرى تبدأ بزراعة النباتات الطبية والعطرية التي نمتلك أجودها، ولا تقف عند التغليف والتعبئة والأبحاث.
عندما يكون هناك رقابة شديدة للسوق الدوائية على الأقل نضمن الجودة والصلاحية والفعالية بغض النظر عن السعر، ولكن عندما تغيب الرقابة، فإن كل شيء ممكن من رفع السعر، إلى جهالة المصدر، إلى غياب الفاعلية، إلى عدم ضمان الضرر للمواطن والمُصنع، والمستورد والبلد، ولكن للأمانة فإن غيابها يحقق مصلحة المهرب وشركات المتاجرة بأرواح الناس التي أصبحت بسبب العولمة لها إدارات عابرة للحدود والقيم.