مع غياب المياه وتواضع حضورها بالشكل المطلوب في المنازل، وتراجع منسوبها في ري المزروعات، يظهر المشهد العام الكثير من البؤس واليأس وتضارب الأفكار جملة وتفصيلاً لواقع يحن إلى الرفاه والوفرة، بعد زمن من القحط والجدب.
تقف النفوس حائرة أمام موجة الحر التي دفعت بالأغلبية إلى الاستسلام تحت ضغط التعب، وقلة الحيلة والحركة، مع غياب المياه والكهرباء.
فالهبات الساخنة التي لفحت كل ما هو أخضر من أشجار ومزروعات، تجاوزت ذلك إلى نفوس البشر، ولاسيما كبار السن والمرضى الذين لا طاقة لهم في تحمل هكذا أجواء لأسباب صحية كثيرة.
في العموم يبدو أن جفاف النفوس سبق كل شيء بعد أن تراجعت العلاقات الاجتماعية على مستوى الحارة والبيئة والمجتمع في الشكل والمضمون، وكذلك تراجع دور الأسرة إلى حد كبير في ضبط إيقاع الأبناء مروراً بالأهل والأقرباء والأصدقاء.
هذا الواقع في حدود التجربة المعاشة بددت حالة التفكير الإيجابي إلى حد ما عند الكثيرين في تعديل السلوك نحو الأفضل.
وبالتالي أكثر ما تحتاجه العلاقات الاجتماعية الضيقة والواسعة على السواء هي تلك المفاتيح التي تختبر معادن النفوس، من حالة الصدق والنيات الطيبة والمعاملة الحسنة، وتمني الخير والسعادة للآخرين كما يتمنى الشخص لنفسه.
فليس أصعب من جفاف المياه اليوم إلا جفاف النفوس التي تعكس حقيقة الواقع الذي نحن فيه.. ما يستدعي المراجعة والتوقف مع الذات ومصارحتها بما ارتكبت المشاعر والأحاسيس من شك وظن ووهم بعيداً عن الحقيقة.