الملحق الثقافي-غسان شمه:
تضاف رسائل الأدباء والكتاب إلى بعضهم، أو إلى من يحبون، إلى خانة الكشف الفكري والفني والإبداعي لدى أولئك الذين وجدوا في هذا النمط متنفساً آخر لما يفكرون به أو يعيشونه..
وفي الذاكرة الكثير من النماذج الفكرية التراثية التي شكلت معيناً ثراً في حالة البعض من الأفراد أو المجموعات التي أنتجت رؤى جديدة عبرت عنها بهذا الأسلوب الذي اتسم بخصوصية الخطاب والمنهجية.. وهنا نذكر رسائل اخوان الصفا، وابن حزم وابن عباد وغيرهم في قديم أدبنا العربي..
ومع الزمن أخذت الرسائل طرائق متعددة في تعبيرها وغناها ودلالاتها الفكرية والنفسية، وكانت تتسم بقيمة فنية عالية، وبمصداقية لافتة في التعبير عن ذات الفرد ومعاناته، وقد أكد البعض أنها لا تنفصل عن النتاج الإبداعي للكاتب، بل إنها تنير جوانب أخرى من روحه وحياته، أو تسلط الضوء بشكل أعمق على جانب غابت الكثير من ملامحه..
ونذكر في السياق مراسلات الكاتب الكبير جبران خليل جبران ومي زيادة، ولا يغيب عن البال ما أثاره نشر الكاتبة غادة السمان لرسائل غسان كنفاني إليها، وهناك مراسلات لطه حسين والمنفلوطي وغيرهم.. وفي الأدب العالمي الكثير من هذه الرسائل التي أضاءت العوالم الداخلية لكتابها وبعضها اتخذ شكلاً فلسفياً كما بين ديكارت واليزبيث،وسارتر مع دي بوفوار المتنوعة، وكذاك أرثر ميلر لمارلين مونرو.. وكافكا لميلينيا.
وقد لفتت د. رضوى عاشور إلى أن «الرسائل المتبادلة فيما بين الأدباء والشعراء، خاصة في النصف الأول من القرن العشرين، ذات قيمة وثاقية مؤكدة، وبعضها له قيمته الأدبية العالية»..
لكن هذه الظاهرة شهدت انحساراً شديداً، ونظن أن أبرز أسباب هذا الانحسار تتعلق بوسائل التواصل التي أتاحت أساليب جديدة في الخطاب، وهذا قد يكون طبيعياً اليوم.
العدد 1102 – 5-7-2022