الثورة – يامن الجاجة:
بينما يعتقد كثيرون أن مشكلة رياضتنا تكمن في القرارات التي تصدرها اتحادات الألعاب أو حتى الاتحاد الرياضي العام الذي يُحمّله كثيرون مسؤولية ما تعيشه رياضتنا بمعظم ألعابها من أحداث وعثرات واعتماد كبير على الطفرات، فإن واقع الحال يؤكد أن المشكلة الحقيقة لرياضتنا عموماً ولكرة القدم السورية على وجه التحديد تكمن في الأندية قبل كل شيء.
*لا تجنٍ و لا انحياز:
إذ نقول إن المشكلة تكمن في الأندية فإن ذلك ليس تجنياً على الأندية ومجالس إداراتها و لا هو انحياز لاتحادات الألعاب بهدف تبرئة ساحتها ولكن هناك اختلاف في ماهية التوصيف بين النادي والاتحاد، والاختلاف في التوصيف يلحقه اختلاف في المهام وهنا تبدأ المشكلة، وعندما يفهم كل طرف ما هو مطلوب منه يبدأ الحل.
*شخصية اعتبارية
في رياضتنا يتم اعتبار النادي هيئة مستقلة ذا شخصية اعتبارية وعلى ذلك فإدارة النادي لها كامل الحرية في الأمور الفنية والمالية وجلب الاستثمارات وإبرام التعاقدات ودعم ألعاب معينة دوناً عن غيرها والتصرف بكل ما يتعلق بأمور النادي مادياً وإدارياً وفنياً.
*عمل الاتحادات:
بالمقابل فإن اتحادات الألعاب لا تتمتع بمثل هذه الصلاحيات وهي مسؤولة عن المنتخبات الوطنية في اللعبة الخاصة بها وعن تنظيم وتسيير المسابقات بالآلية التي تراها مناسبة وباستثناء اتحاد كرة القدم الذي يتمتع بخصوصية معينة فإن جميع اتحادات الألعاب غير قادرة على الصرف من مداخيلها إن وُجدت إلا بموافقة المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام وحتى اتحاد اللعبة الشعبية الأولى و رغم أنه يملك مداخيل وحقوق بث وغير ذلك إلا أنه لا يستطيع التصرف بشيء من تلقاء نفسه دون موافقة المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام.
*خلط المفاهيم:
اتحاد كرة القدم قام بإصدار عدة قرارات من شأنها أن ترتقي بالمستوى الفني لمسابقاتنا المحلية وأن تزيد من قيمتها التسويقية وبالتالي يمكن لها أن تؤدي إلى زيادة ثمن حقوق البث الخاصة بالمسابقات المحلية لتستفيد الأندية تلقائياً حال بيع حقوق البث حيث سمح الاتحاد باستقدام حكام أجانب وكذلك بتوقيع عقود احتراف مع لاعبين أجانب وهنا بدأ يظهر خلط المفاهيم بشكل كبير ولا سيما في مسألة استقدام حكام أجانب حيث طالبت بعض الأندية بأن يتحمل الاتحاد أجور هؤلاء الحكام، بينما لام آخرون الاتحاد في قرار السماح بعودة اللاعب الأجنبي إلى ملاعبنا باعتبار معظم الأندية تعاني مادياً و ليس لديها القدرة على التوقيع مع لاعبين أجانب، والحقيقة أن الخلط يظهر في مطالبة الاتحاد بدفع أجور الحكام رغم أن العرف المعمول به في مسابقاتنا لا يقول ذلك، كما أن خلط المفاهيم ظهر في ملامة الاتحاد على قرار السماح بعودة اللاعب الأجنبي و لاسيما أن اتحاد اللعبة الشعبية الأولى لا يجبر الأندية على التعاقد مع اللاعب الأجنبي و إنما سمح بذلك لمن يشاء.
*مفاجأة:
و بعد كل هذا الخلط في المفاهيم و محاولات عدد من الأندية شد الحبل لصالحها كانت المفاجأة بأن معظم الأندية استطاعت التعاقد مع محترفين أجانب بعيداً عن أسطوانة الشُح المالي و عدم القدرة على التعاقد مع محترف أجنبي في ظاهرة توضح إلى حد بعيد رغبة بعض القائمين على أنديتنا في الشكوى من أجل الشكوى فقط و تسجيل المواقف التي لا تعدو عن كونها لإثارة الضجة الإعلامية وفق ما تؤكده الوقائع حتى الآن.
*حل مؤقت:
و فيما يخص الحكام فمن الواضح أن قرار السماح باستقدام حكام أجانب للأندية الراغبة بوجود الحكم الأجنبي في مبارياتها ليس إلا حلاً مؤقتاً للتخفيف من حدة الاعتراض على حكامنا المحليين و التقليل من حالات الضغط عليهم ريثما يتم استقدام الأدوات المساعدة للحكام كأجهزة الاتصال و الرايات الإلكترونية و ريثما يتم توسيع قاعدة حكامنا المحليين الموجودين على اللائحة الدولية لأن كرتنا تعاني منذ عدة سنوات من نقص حاد في الكوادر و الخبرات التحكيمية الدولية العاملة.
*باختصار:
مغزى الكلام بكل بساطة هو أن اتحادات الألعاب ليست مسؤولة عن الأندية لأن تلك الأخيرة تتمتع باستقلاليتها على كافة المستويات و لكن من حق أي اتحاد اتخاذ الإجراءات و القرارات التي يراها مناسبة لتطوير مسابقاته دون أي خلط في المفاهيم و الصلاحيات لأن هذه مشكلة الاتحادات الأكبر و في ذات الوقت شمّاعة الأندية التي تحاول أن تتخلص من مسؤولياتها عبر رمي الكرة في سلة الاتحاد.