الآن وبعد أن صدرت المفاضلة الأولى للقبول الجامعي للعام الدراسي 2022 / 2023، يظن الكثير من الطلاب أن هذه المفاضلة هي التي من خلالها يحدد مسار حياته الدراسية وبالاختصاص الذي يرغبه،طبعاً هذا غير صحيح لأن التعليم العالي لا تفكر بنفس التفكير الذي يحقق للطلاب أمنياتهم الدراسية،لأن هناك مفاضلة أخرى ترفع من معدلات القبول،صحيح أن لجنة الاستيعاب قررت قبول جميع الطلاب الناجحين بالشهادة الثانوية العامة بفروعها كافة في الجامعات والمعاهد، وذلك من خلال التركيز على زيادة عدد المقاعد لبعض الاختصاصات في الكليات والمعاهد التي يحتاجها سوق العمل وبما ينسجم مع متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما زادت نسبة التعليم الموازي إلى 50 بالمئة بدلاً من 40 بالمئة لزيادة فرص القبول في الجامعات الحكومية وعلى إجراء مفاضلة مركزية من قبل الوزارة للكليات الطبية في الجامعات الخاصة واعتمدت اللجنة رغبة السنة التحضيرية /عام وموازٍ والمنح المخصصة في الجامعات الخاصة / في بطاقة واحدة بالمفاضلة العامة حرصاً على عدم ضياع أي مقعد في الكليات الطبية.
طبعا ما تقرره لجنة الاستيعاب هو قرار نظري،لأن الواقع غير ذلك والدليل عندما تصدر المفاضلة الثانية نعرف جيداً ما هو صحيح وواقعي.
ما أشرنا إليه يقودنا لمسألة تنمية الموارد البشرية التي تشير إليها الحكومة في كل اجتماعاتها،ونحن هنا نقول إن التنمية البشرية التي نريدها تكون هي الرافعة الحقيقية لمرحلة البناء والإعمار كون الاستثمار في الإنسان يجب أن يكون هدفاً استراتيجياً لأي حكومة إذا كانت جادة في تحقيق ذلك، وهذا لن يتحقق إلا من خلال السعي الجاد لوضع قواعد وبرامج حقيقية تسهم في إعداد وتنمية الموارد البشرية التي يتوافر لديها العلم والمعرفة والخبرة والإرادة والانتماء والتصميم على بناء سورية المتجددة.
فما نسمعه من قبل الطلاب الناجحين في الشهادة الثانوية العامة بفروعها كافة،أن اللجنة المعنية قررت استيعابهم جميعاً في الجامعات والمعاهد، وهذا بطبيعة الحال أمر لا يمكن أن نشك فيه،لأن سياسة الدولة ومنذ زمن بعيد تنتهج هذا النهج في عدم ترك أي طالب دونما متابعة التعليم ليس فقط في مراحل التعليم الأولى إنما في مراحل التعليم الجامعي وفق منهجية واضحة، وحسب ما حصل عليه الطالب من درجات تؤهله دخول الفرع المطلوب لهذه الدرجات.
إذاً مسألة القبول الجامعي ودراسة معدلات القبول بشكل منطقي،يفرض خلق مناخ مناسب للشباب السوري للاستقرار في الوطن وإيجاد فرص عمل له إضافة إلى الاهتمام بمخرجات التعليم وجعلها تواءم مع حاجة سوق العمل وكافة القطاعات الوطنية وخاصة تخريج كوادر شابة تواءم خبراتها واختصاصاتها مع مرحلة البناء والإعمار،وتحقيق هذه المسألة يحتاج لخطة واضحة لا تستثني أي طالب في تحقيق رغبته في متابعة تعليمه في جامعاتنا ومعاهدنا الوطنية،من خلال توزع عدد الناجحين حسب العلامات للفرعين الأدبي والعلمي ومجمل الأعداد المقترحة للقبول في جامعات دمشق وحلب وتشرين والبعث وحماة والفرات والأعداد المقترحة للقبول من المجلس الأعلى للتعليم التقاني وآليات استيعاب الكليات التطبيقية والمعاهد التقانية، والتوسع بأعداد المقبولين بالتعليم الموازي من خلال جعله يتجاوز الستين أو السبعين في المئة كي يفسح المجال لعدم تسرب الطلاب إلى الجامعات الخاصة، وبهذا القبول باعتقادنا يتحقق بعض من العدالة لدى الكثير من الطلاب الذين لم يحققوا علامات الفرع الراغبين بالانتساب إليه، ثم إن هذا التوسع يحقق ريعية مالية جيدة للخزينة.