الثورة -ظافر أحمد أحمد:
اخترقت الدعاية الغربية الدول التي تشكلت بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وغسلت أدمغة شعوب دول عديدة بمقولة مفادها: (الغرب يعني الديمقراطية وغيره يعني الديكتاتورية والاستبداد..). وشكل انهيار جدار برلين في ذهنية من قاموا بهدمه بأنّه قضاء على جدار كان يفصل أوروبا الشرقية عن الديمقراطية الغربية، فكان سقوط الجدار أوّل الإنجازات التي تكشفت في غزو الدعاية الغربية لمناطق نفوذ الاتحاد السوفييتي والذي سرعان ما تفكك. وتواصلت الدعاية الغربية الممنهجة في استهداف الحديقة الخلفية للاتحاد الروسي بوصفه وريث الاتحاد السوفييتي، فتمكنت الولايات المتحدة وأتباعها الغربيين من التوغل في خواصر روسية رخوة، حتى تمكنت من ضمّ مجموعة دول كانت في حلف وارسو، وأصبحت في حلف ناتو، ولكن الاستهداف الخطير تجسد في ضمّ ناتو لثلاث دول كانت ضمن دول الاتحاد السوفييتي نفسه هي (إستونيا، ولاتفيا وليتوانيا )، ثمّ أمكن للولايات المتحدة احتواء جورجيا، وإشعال (ثورات ملونة) في بعض الدول المنتمية إلى رابطة الدول المستقلة. كلّ تلك التفاصيل لم تتطلب من الاتحاد الروسي تصرفاً عسكريا واسعا، إلى أن تفجّر ملف أوكرانيا وهي الخاصرة الأكثر حساسية لروسيا، وقد تمكنت واشنطن من الإمساك بقرار هذه الدولة وحوّلتها إلى الخطر الأكبر على روسيا فتسببت في وقوع عملية عسكرية روسية خاصة تطورت أخيراً لتصبح حربا روسية دفاعية، وقد تكون مقدمة لتصعيدات لا يمكن التنبؤ في مآلاتها، إذ تواصل الدعاية الغربية ضخ مقولتها العالمية التي تغطي الدعم المعتمد لأوكرانيا : (ندعم الدول الديمقراطية لضمان الحرية والمستقبل المزدهر لشعوبنا). لم يهدأ الجهد الأميركي والغربي يوماً في استهداف الحديقة الخلفية لروسيا وخواصرها، وتسارع واشنطن في تحريك الملفات الخامدة في منطقة رابطة الدول المستقلة، فأي ملف متفجّر في دول ما كان يعرف بالاتحاد السوفييتي يشكل عامل ضغط على السياسة الروسية حالياً. وها هي تصريحات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، تلخص أن هدف السياسة الأمريكية في آسيا الوسطى تحديدا يجب أن يكون “فصل” المنطقة عن الاقتصاد الروس، ويتم ذلك ب(تقوية المؤسسات الديمقراطية في دولها). وهكذا لا يقتصر التصعيد الغربي على الساحة الأوكرانية فقط، بل يتوسع إلى تصعيد على شتى الساحات التي تُشغل روسيا، وهذا ما يوضّح حجم الرفض الأميركي لأيّ تعدد في القطبية السياسية العالمية، إذ تعمل واشنطن على (إشعال حروب) ذات مخاطر وجودية على العالم لأنّها لا تريد سوى كرة أرضية تراها تعمل بالرومونت كونترول الأميركي فقط.