الثورة – نيفين أحمد :
زيارة الوفد الوزاري السوري رفيع المستوى إلى العاصمة التركية أنقرة برئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم سلامة، تمثل اختباراً عملياً لسياسة الانفتاح التي تتبناها الإدارة السورية الجديدة منذ تسلمها السلطة في ديسمبر الماضي بعد سقوط النظام المخلوع.
هذه الخطوة تحمل أبعاداً تتجاوز الطابع البروتوكولي إذ تشكّل إشارة واضحة إلى أن دمشق وأنقرة تسيران بخطى متسارعة نحو توطيد العلاقات بعد سنوات من القطيعة والتوتر التي طبعت المشهد الإقليمي.
الحوار الذي يجمع وزراء الخارجية والدفاع ورئيس الاستخبارات السوريين بنظرائهم الأتراك لا يقتصر على تبادل المجاملات الدبلوماسية بل يُنتظر أن يضع أسس تعاون إستراتيجي متعدد المسارات يشمل إعادة إعمار سوريا وإعادة بناء مؤسساتها وتعزيز التنسيق الأمني على حدود البلدين.
هذا النوع من التعاون قد يفتح المجال أمام شراكات اقتصادية كبرى ويعيد تنشيط التجارة العابرة للحدود ، بما يخدم استقرار المنطقة وتنميتها.
تركيا التي تمتلك خبرة واسعة في إعادة الإعمار وإدارة الكوارث ترى في الشراكة مع الإدارة السورية الجديدة فرصة لتعزيز دورها الإقليمي كلاعب رئيسي في مرحلة ما بعد الحرب، في حين تسعى دمشق إلى تنويع خياراتها الدبلوماسية والانفتاح على محيطها مع الحفاظ على استقلالية قرارها السياسي.
الزيارة تأتي أيضاً في ظلّ تحولات إقليمية أوسع حيث تبدو القوى الإقليمية والدولية مستعدة للتعامل مع واقع سياسي جديد في سوريا بما يحمله من فرص لإعادة التوازن إلى ملفات الأمن والطاقة والاقتصاد.
كما أن هذه الانطلاقة قد تضع الأساس لمنظومة تعاون أمني أعمق تتيح مواجهة التحديات المشتركة مثل الإرهاب وتهريب المخدرات وإدارة الحدود.
في ضوء ذلك يمكن القول :إن لقاء أنقرة ليس مجرد محطّة عابرة بل بداية مسار دبلوماسي جديد يهدف إلى صياغة مقاربة مشتركة لمستقبل سوريا والمنطقة بما ينسجم مع مصالح الشعب السوري وتطلعاته ويعزز فرص الاستقرار الإقليمي.