سعر الصرف في صعود وتذبذب.. عامر شهدا لـ”الثورة”: ليس مفاجئاً وأسبابه حتمية

الثورة – رولا عيسى:

 

بعد استقرارها لأشهر، شهدت الليرة السورية تراجعاً في قيمتها مقابل الدولار الأميركي، إذ تخطى سعر الصرف 11 ألف ليرة سورية يوم أمس ليتراجع اليوم إلى 10600 ليرة.

هذه الظاهرة لا تعد مفاجئة بحسب الخبير المصرفي والمالي عامر شهدا، الذي أكد أن ارتفاع سعر الدولار كان حتمياً نتيجة مجموعة من العوامل الاقتصادية التي تؤثر في العرض والطلب على العملة السورية.

تأثير زيادة الرواتب

وأوضح شهدا أن الزيادة الأخيرة في الرواتب بنسبة 200 بالمئة كانت السبب الرئيس وراء ارتفاع سعر الدولار، وهذه الزيادة أدت إلى رفع الكتلة النقدية المتداولة في السوق بشكل كبير، وهو ما يعتبر عرضاً إضافياً من الليرة السورية في الأسواق في وقت لم تأخذ الجهات المعنية إجراء تحوطي من تراجع القدرة الشرائية لليرة.

ويقول: مع عدم وجود زيادة مقابلة في الإنتاج المحلي أو زيادة في حجم الصادرات، أدى هذا التوسع النقدي إلى انخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية، ما دفع سعر الدولار للارتفاع.

ويشير إلى أن زيادة الرواتب كانت تهدف إلى مواجهة تداعيات ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، ولكنها في ذات الوقت ساهمت في رفع الكتلة النقدية بشكل غير موازٍ مع الإنتاج المحلي، ما يعزز من الضغط على قيمة العملة المحلية.

أزمة الميزان التجاري وتأثيرها على الاستيراد

علاوة على ذلك، أشار شهدا إلى أن الزيادة في الاستيراد كانت عاملاً آخر في تفاقم الوضع، إذ لاحظ أن هناك “إغراقاً” في الأسواق بالبضائع المستوردة، ما يعمق العجز في الميزان التجاري السوري، إذ إن سوريا تعتمد بشكل كبير على الاستيراد ولا تزال الصادرات في مستويات منخفضة للغاية.

في الواقع، وفقاً لتصريحات شهدا، كشف التقرير الأخير عن دخول 1800 شاحنة من تركيا إلى سوريا مقابل خروج 150 شاحنة فقط، ما يشير إلى العجز الكبير في الميزان التجاري، وهنا يوضح أن هذا التفاوت بين الاستيراد والتصدير يساهم في زيادة الطلب على الدولار لتغطية تكاليف الاستيراد، ما يخلق ضغوطاً إضافية على سعر الصرف.

غياب السياسات الفعالة

ويؤكد الخبير المصرفي أن سبباً آخر لهذه الأزمة هو غياب السياسات النقدية الفعالة في سوريا، وعلى الرغم من تصريحات وزير الاقتصاد والصناعة حول اعتماد “الاقتصاد الحر” كسياسة مستقبلية، إلا أن هذا التحول لم يجد طريقه بعد إلى التطبيق بشكل حقيقي، كما أن التصريحات الحكومية حول “التعويم” لم يتم تفعيلها بعد، هذا إن كان يوجد شيء ملموس فيما يخص سياسة التعويم، وهذا ما أدى إلى حالة من عدم الاستقرار النقدي.

وأضاف شهدا: إن عدم وجود سياسة واضحة ومعلنة من قبل المصرف المركزي حول تحديد سعر الصرف في سوريا يزيد من حالة الفوضى الاقتصادية، ويجعل من الصعب التنبؤ بسعر الدولار مستقبلاً، ففي ظل غياب الاحتياطيات النقدية الكافية لدى مصرف سوريا المركزي، فإن هذا الأخير لا يستطيع التدخل بفعالية في السوق لضبط أسعار الصرف، وضمن هذه الاهتزازات وعدم الاستقرار في هوية الاقتصاد وعدم الشفافية في السيولة النقدية وفي البيانات الاقتصادية، لا يستطيع مصرف سوريا أن يعتمد سياسة محددة من أجل تحديد سعر صرف العملة.

الاقتصاد الحر: بين الفوائد والمخاطر

واعتبر إعلان الحكومة عن تبني الاقتصاد الحر يحمل العديد من الأبعاد السلبية والإيجابية، من الناحية الإيجابية، قد يؤدي ذلك إلى ظهور “السعر الحقيقي” للدولار، بناءً على آليات العرض والطلب في السوق، وبالتالي قد تتوقف محاولات الحكومة لضبط الأسعار بشكل قسري، ولكن، من الناحية الأخرى، يواجه الاقتصاد السوري تحديات كبيرة في تطبيق هذا النموذج، خصوصاً في ظل ضعف الإنتاج المحلي ونقص الاحتياطيات من العملات الأجنبية.

أحد المخاوف الكبيرة التي يعبر عنها شهدا هو احتمال وصول الاقتصاد إلى مرحلة التضخم المفرط.

ويقول: إذا استمرت زيادة الكتلة النقدية دون زيادة مقابلة في الإنتاج أو في حجم الصادرات، فمن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تآكل القوة الشرائية لليرة السورية بشكل أسرع، وبذلك، فإن الزيادة في الرواتب التي تمت بنسبة 200 بالمئة قد تصبح بلا قيمة حقيقية إذا استمر التضخم في التزايد.

الدولار قد يتخطى 12,000 ليرة

وفيما يتعلق بالتوقعات المستقبلية، قال شهدا: إن الدولار قد يتجاوز حاجز 12,000 ليرة سورية في الأيام القادمة، وقد أشار إلى أن هذه التوقعات تعتمد على عدة عوامل، أبرزها استمرار انخفاض الإنتاج المحلي وصادرات البلاد، إضافة إلى استمرار العجز في الميزان التجاري، وفي ظلّ هذا الوضع، من المتوقع أن يستمر الطلب على الدولار في الارتفاع، مما يعزز من الانخفاض الحاد في قيمة الليرة.

خلاصة القول: في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، يمثل ارتفاع سعرالدولار مقابل الليرة السورية نتيجة طبيعية لتزايد الكتلة النقدية في السوق من دون وجود دعم كافٍ من الإنتاج المحلي أو زيادة في الصادرات.

كما أن زيادة الرواتب بنسبة 200 بالمئة قد تسببت في تضخم نقدي، مما أثر سلباً على قيمة الليرة السورية.

كما أشار الخبيرالمصرفي عامر شهدا، فإن غياب سياسات نقدية واضحة وعدم الاستقرارالاقتصادي يزيد من الضغط على سعر الصرف ويعزز توقعات الوصول إلى 12,000 ليرة مقابل الدولار في المستقبل القريب.

من ناحية أخرى، فإن عدم وجود آليات فعّالة لضبط السيولة النقدية وغياب الشفافية في إدارة الاقتصاد يشكّل تحدياً كبيراً أمام أي استقرار اقتصادي طويل الأمد، بالإضافة إلى ذلك، أن الاعتماد على الاقتصاد الحر لتحديد سعر الصرف قد يفضي إلى مزيد من الاضطراب إذا لم يُرافقه تحسين الإنتاج الوطني وزيادة الصادرات.

لا بدّ من حلول اقتصادية شاملة تشمل إصلاحات هيكلية حقيقية في السياسات النقدية والتجارية، وتوجيه الدعم نحو القطاعات الإنتاجية المحلية.

من دون اتخاذ هذه الإجراءات العاجلة، فإن الليرة السورية ستظل تحت ضغوط شديدة، ويستمر التضخم في أكل قيمة الرواتب المعلنة، مما يفاقم معاناة المواطن السوري.

آخر الأخبار
  وزير الطوارئ يبحث تعزيز التعاون مع مجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية لقاءات الرئيس الشرع مع فعاليات إدلب.. تعزيز الشراكة الوطنية وترسيخ مسار بناء الدولة وزير التعليم العالي من حلب .. نقاشات موسعة حول الدمج وتطوير الجامعات وخارطة التعليم المستقبلية رئيس بلدية عين الحيات في ريف القرداحة يوجه نداء استثغاثة "التجاري" يرفع سقف السحب عبر نقاط البيع إلى مليون ليرة رباعية لمنتخبنا الأولمبي بمرمى اللبناني عودة الحرائق في سهل الغاب مع ارتفاع كبير بدرجات الحرارة القطاع الخاص ركيزة لا غِنَى عنها في أيّ اقتصاد متطور عصام الغريواتي: إلغاء تقييد  نقل الأموال  في إطاره الصحيح خدمات طبية وعمليات نوعية يقدمها مستشفى كرم اللوز الوطني إزالة 12 تعدّياً على مياه الشرب في أحياء درعا البلد اتفاقية التعاون العسكري بين سوريا وتركيا.. الدلالات والتوقيت واشنطن تعلن تفاصيل منظومة "القبة الذهبية" بتكلفة تصل إلى 175 مليار دولار سعر الصرف في صعود وتذبذب.. عامر شهدا لـ"الثورة": ليس مفاجئاً وأسبابه حتمية أنقرة ودمشق.. مرحلة سياسية تعيد رسم خرائط التحالفات في المنطقة 5.5 ملايين دولار.. مساهمة يابانية لدعم جهود التعافي العاجلة في حلب وحمص دوار وجسر اليمن في اللاذقية بالخدمة وسط زخم سياسي واقتصادي.. إعادة إعمار سوريا على طاولة الاجتماعات العربية والدولية الثورة "اجتماع عمان".. رسائل عربية ودولية تدعم وحدة وسيادة سوريا سوريا والعراق يبحثان التنسيق المشترك حول مياه الفرات