منهل إبراهيم:
لاتزال الجهود السورية والدولية مستمرة للبحث في إعادة إعمار سوريا بعد مرور نحو 9 أشهر على سقوط نظام الأسد، حيث عقدت اجتماعات عربية ودولية عدّة لبحث هذا الملف المهم، وسط زخم الدعم الأميركي والعربي للحكومة السورية.
وضمن هذا المسار بحث اجتماع الأردن أمس سبل دعم عملية إعادة بناء سوريا على الأسس التي تضمن أمنها واستقرارها وسيادتها وتلبي طموحات شعبها وتحفظ حقوق كل السوريين.
وانطلق الاجتماع في عمان بحضور وزير الخارجية الأردني أيمن لصفدي ونظيره السوري أسعد الشيباني والسفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا توماس باراك، وشارك في اللقاء ممثلون عن المؤسسات المعنية في الدول الثلاث.
وقبل اللقاء، التقى الوزير الصفدي على حدة مع الوزير الشيباني والسفير باراك لبحث الوضع في سوريا والجهود الجارية في هذا الصدد، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام أردنية.
وبعد انتهاء الاجتماع، أعلنت الخارجية الأردنية في بيان، “أن عمّان استضافت لقاء ثلاثياً ضم مسؤولين من الأردن وسوريا والولايات المتحدة، خصص لبحث تطورات الأوضاع في سوريا، مع التركيز على دعم جهود إعادة الإعمار”.
وعلقت شبكة الأخبار الأوروبية “يورونيوز” على اجتماع الأردن والذي تطرق إلى جهود دعم سوريا في إعادة الإعمار، مشيرة إلى أهمية ما جاء في اللقاء، والظروف الدقيقة التي تمر بها سوريا الجديدة وضرورة دعم استقرارها ووحدة أراضيها.
ولفتت الشبكة الأوروبية إلى أنه في آذار الماضي، خفضت الدول المانحة التزاماتها المالية لإعمار سوريا، معلنة تقديم 5,8 مليارات يورو، وهو مبلغ أقل من التعهدات السابقة بسبب غياب المساهمة الأميركية، وعُقد المؤتمر التاسع للمانحين بمشاركة الحكومة السورية لأول مرة منذ سقوط نظام البائد.
وتعهدت الدول المانحة بتقديم مساعدات بـ5,8 مليارات يورو لإعمار سوريا، وكان ذلك قبل رفع العقوبات الأميركية.
وفي نهاية حزيران الماضي، وقّع الرئيس دونالد ترامب أمراً تنفيذياً لإنهاء العقوبات على دمشق، لكنه أبقى العقوبات على رئيس النظام المخلوع ومساعديه وعلى تنظيم “داعش” ومن وصفتهم ترامب بوكلاء إيران.وعقب التوقيع، قال ترامب: إن رفع العقوبات عن سوريا يدعم أهداف الأمن القومي والسياسة الخارجية الأميركية، مؤكداً أن بلاده ملتزمة بدعم سوريا مستقرة وموحدة تعيش في سلام مع نفسها وجيرانها، وذكرت وزارة الخزانة أنها أزالت بالفعل 518 فرداً وكياناً سوريا من قائمة العقوبات، لكن بعضها لن يُرفع فوراً.
وفي تموز الماضي، وقّعت السعودية سلسلة اتفاقيات استثمار وشراكة مع سوريا بقيمة 6.4 مليارات دولار، بهدف دعم جهود إعادة بناء البنية التحتية، والاتصالات، وقطاعات حيوية أخرى في البلاد.وكانت دمشق وقعت اتفاقا للطاقة بقيمة 7 مليارات دولار مع ائتلاف يضم شركات قطرية وتركية وأمريكية، لدعم قطاع الكهرباء.
وقبل أيام، وقعت الحكومة السورية عدداً من الاتفاقات الرسمية الاقتصادية والاستثمارية الكبرى، التي بلغت قيمتها مليارات الدولارات في قطاعات مختلفة ومتعددة على رأسها الطاقة والنقل والبنى التحتية والإسكان وإعادة الإعمار وغيرها.
وشهد قصر الشعب في دمشق، الأربعاء الماضي، إطلاق شراكات استراتيجية لـ12 مشروعاً بقيمة 14 مليار دولار أميركي، بحضور المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك، وستشكل هذه الخطوة نقلة نوعية للبنية التحتية والحياة الاقتصادية، بحسب ما أكد عليه مدير هيئة الاستثمار السورية طلال الهلالي.
واشارت “يورونيوز” إلى أن باراك في كلمته التي نقل خلالها تهاني ترامب، قال: “إنه عندما ننظر إلى مدينة دمشق فإننا ننظر إلى تاريخ عريق لمدينة تمتد لآلاف السنوات، ظلت فيه مركزاً للتجارة والنقل في المنطقة، موضحاً أن سوريا باتت اليوم تشكل المركز بين تركيا وقطر”.
وشملت المشاريع المعلن عنها معظم المحافظات السورية، بدءاً من مشروع مترو الأنفاق ومطار دمشق الدولي الجديد، مروراً بأبراج البرامكة والمدينة السكنية الجديدة في ريف العاصمة، ومشروع ماروتا دمشق، ووصولاً إلى بوليفار حمص، ووادي الجوز في حماة، والحيدرية ومول المهندسين في حلب، ومرسى شمس السياحي في اللاذقية، ومجمع مارينا في طرطوس، ومشروع إعادة التدوير والاستدامة في إدلب، وفندق داما سراي في دير الزور.
وفي وقت سابق خلال شهر تموز، أعلن وزير الاقتصاد والصناعة محمد نضال الشعار عن إقامة المعرض الدولي لإعادة إعمار سوريا “إعمار” في الفترة ما بين الـ29 من تشرين الأول والأول من تشرين الثاني القادم.
ومن المؤكد أن أخذ هذه المشاريع نحو العمل الفعلي ونقلها من التخطيط إلى التنفيذ، سيسهم في دعم إعادة إعمار سوريا، ويسرع من بلوغ مرحلة التعافي الاقتصادي، ويؤسس لمرحلة جديدة قائمة على التعاون والتحالفات الصحيحة وتجاوز إرث النظام المخلوع.