الثورة – عامر ياغي:
أكد الخبير الاقتصادي والمصرفي يحيى السيد عمر في حديث خاص لصحيفة الثورة أن النمو الاقتصادي يقوم على مجموعة من المسارات المتكاملة التي تشمل القطاعين العام والخاص، ولا يمكن تحقيق النمو الاقتصادي من خلال الاعتماد على القطاع العام وحده، مهما بلغ من تطور وكفاءة، فالقطاع العام ورغم أهميته في توفير البنية التحتية والخدمات الأساسية ووضع السياسات الاقتصادية، إلا أنه يظل محدود القدرة على خلق ديناميكية اقتصادية مرنة وسريعة الاستجابة للتغيرات في الأسواق.
وهنا يظهر الدور الحيوي للقطاع الخاص، الذي أثبتت التجارب العالمية أنه مُحرّك أساسي للنمو، وركيزة لا غِنَى عنها في أيّ اقتصاد متطور، ففي الولايات المتحدة الأمريكية “على سبيل المثال لا الحصر”، تشير البيانات الحديثة إلى أن القطاع الخاص يسهم بنحو 72.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تصل مساهمته في الاتحاد الأوروبي إلى نحو 64.7 بالمئة، وهو ما يعكس الأهمية الكبيرة التي تُوليها هذه الاقتصادات لتمكين القطاع الخاص وتعزيز دوره.
وأضاف السيد عمر أن قوة القطاع الخاص تنبع من مرونته وقدرته على إدارة الموارد البشرية والمادية بكفاءة عالية، مع قابلية أكبر للابتكار وتبنّي التقنيات الحديثة، وهو ما يُمكّنه من خلق قيمة مضافة حقيقية في مختلف القطاعات الاقتصادية.
هذه الميزة تتضح بشكل أكبر في الدول التي تواجه تحديات اقتصادية أو سياسية، حيث يمكن للقطاع الخاص أن يكون أداة فعالة في تحفيز النشاط الاقتصادي، وخلق فرص عمل، وتحسين مستويات الدخل.
وفي سوريا التي تعاني من ضغوط اقتصادية حادة، يمكن للقطاع الخاص- والكلام للسيد عمر- أن يلعب دوراً محوريّاً في دعم جهود الانتعاش الاقتصادي وإعادة الإعمار، من خلال مستويات متعددة من العمل، بدءاً من المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر التي توفر فرص عمل سريعة وتساعد في مكافحة البطالة، مروراً بالمشاريع المتوسطة التي تُعزّز الترابط الاقتصادي وتدعم سلاسل الإنتاج والتوريد، وصولاً إلى المشاريع الكبرى التي تساهم في إعادة تأهيل وتشغيل البنية التحتية الحيوية، مثل مرافق النقل والطاقة والمياه.
كما أن مساهمة القطاع الخاص لا تقتصر على الجانب الإنتاجي فحسب، بل تمتد لتشمل نقل المعرفة، وتبنّي أفضل الممارسات الإدارية، وجذب الاستثمارات الأجنبية، مما يوسّع قاعدة الاقتصاد الوطني ويزيد من قدرته التنافسية.
وعليه، يشير السيد عمر إلى أن أيّ استراتيجية اقتصادية فعّالة يجب أن تقوم على شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، تضمن استثمار نقاط القوة في كل منهما، وتحقق التكامل المطلوب لبلوغ معدلات نمو مستدامة، قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية وبناء اقتصاد أكثر مرونة واستقراراً.