ظافر أحمد أحمد:
عندما يتبلور مشروع انفصالي عن الجغرافية السورية برعاية أميركية، كما هو واقع الحال في أنموذج ميليشيا انفصاليي “قسد” يتوجب التنبه إلى حقيقة موضوعية تؤكد أنّه مشروع طارئ ومرتبط بمدة بقاء الاحتلال الأميركي في قواعده اللاشرعية المسيطرة على آبار النفط السورية.
وضمن الحقائق الموضوعية لا يمكن التغافل عن العبث الذي حدث في (تنمية بيئات طارئة) حضّرها الاحتلال الأميركي قبل إقامة قواعده على الأرض السورية، مستغلاً سنوات احتلاله للعراق كي يحضّر (داعش وباقي التنظيمات الإرهابية)، وليكون مشروعه الاحتلالي التهديد الأخطر لسورية انطلاقاً من جزيرتها..، كونها منطقة الإنتاج النفطي والزراعي الاستراتيجي للاقتصاد السوري.
إلى متى سيبقى الاحتلال الأميركي في منطقة الجزيرة السورية؟.
سؤال يحتاجه المتورطون في الانتماءات الطارئة قبل غيرهم، والبحث في هذا السؤال يستوجب التذكير بحقيقة أنّ الاحتلال الأميركي حوّل التنوع الإثني إلى وقود لمخططاته وأدى إلى تغيير ديموغرافي خطير في منطقة الجزيرة، بما يؤدي إلى تحويلها إلى منطقة فوضى تحرق مرتزقة الاحتلال قبل غيرهم مع ظنّهم المزيف بأنّ الحماية الأميركية لهم هي (حصانة استراتيجية)، ومع تغافلهم عن حقيقة أنّ المخطط الأميركي هو من أحدث تغييراً ديمغرافياً صريحاً في الشمال السوري لمنطقة عفرين على الأقل.
استخدم الاحتلال الأميركي تنظيم القاعدة أداة لغزو أفغانستان ثمّ أهدى أفغانستان لتنظيم القاعدة، فهل من عاقل في ميليشيات الانفصال يتساءل: لماذا يحتفظ الاحتلال الأميركي بزعماء وعناصر من التنظيمات الإرهابية وخصوصاً داعش ويجعل من ميليشيا “قسد” ذاتها أداة الاحتفاظ بهم تحت غطاء (مخيمات وسجون) ترتبك الميليشيا منذ الآن في ضبطهم؟!
تتكفل الظروف الدولية الأخيرة المرتبطة في الملف السوري بارتباك (زعماء المشروع الانفصالي)، العاجزين عن فهم توجهات الاحتلالين الأميركي والتركي، فسواء اختلفا في جزئيات لها علاقة بالملف السوري أو تطابقا فإنّ التطورات تختمر لتجعل من ميليشيا “قسد” مكشوفة الغطاء أمام ساحة تصفية الحسابات ضمن لعبة التصارع بين أدوات الاحتلال الأميركي نفسها.
وموضوعياً عند فهم طبيعة الأكثرية الوطنية المتجذرة في الجزيرة السورية يمكن التسليم بأنّ البيئة الحقيقية التي تحيط بالمشروع الانفصالي هي بيئة يصعب تطويعها، وبالتالي هي بيئة ستتفجّر في وجه ميليشيا “قسد” وراعيها الأميركي بقوّة عاجلاً أو آجلاً..
وكل ما يحدث وسيحدث يوفر البيئة المناسبة كي تفرض سيناريوهات وطنية نفسها، وهي متوزعة بين المقاومة الشعبية والنضوج المتدرج لإمكانيات الدولة السورية في التحرير المباشر لمناطق ثروتها النفطية والزراعية.