الثورة_ هفاف ميهوب:
نتذكّر.. أي نستدعي بإدراكنا ماضٍيا عشناه، ونحاكي الكثير من لحظاته.. اللحظات التي تركت أثاراها كصورٍ تتوالى، فتراكم قصصها في الذاكرة.. مكتبة العقل المؤتمنة على أسرار الإنسان، وتفاصيل كلّ مرحلة من مراحل حياته.
هكذا تبدو الذاكرة لدى الناس العاديين.. لكن، حتماً لا تبدو كذلك لدى الفلاسفة الذين اهتموا بها، مُذ انشغلت عقولهم بالتحليل والتدقيق، وصولاً إلى تقديم رؤى، مهما اختلفت، تبقى آراء علماء ومفكرين..
لا تبدو كذلك، لدى الفيلسوف اليوناني “أفلاطون” الذي رأى بأنّ البحث في ذاكرة الفرد، هو ما يمكّنه من رؤية الحقائق الهامة، وبأن “الذاكرة لا بدّ أن تكون عن شيء، لا عن لا شيء”..
يشاطر “أرسطو” أستاذه هذا الراي، ويقول بأن الذاكرة هي “كاتب الروح” و “جزء من الإدراك الحسي”، ليضيف أيضاً، بأنها قائمة على المخيلة، ومهمتها إدراك صورة الشيء الذي سبق إدراكه..
قد تتفق أو تختلف هذه الرؤى، عن رؤى فلسفية قديمة وعديدة.. أيضاً، قد تتّفق أو تختلف عن رؤى الفلاسفة المعاصرين، فها هو الاسكتلندي “ديفيد هيوم”، والفرنسي “هنري برغسون”.. يؤكدان بأن لاعلاقة للذاكرة بالخيال، وبأنها حسب “برغسون”: “شعور قبل كلّ شيء”.
بكلّ الأحوال، وإن اختلفنا كما الفلاسفة حول مفهوم الذاكرة، وباختلاف أنواعها، إلا أننا قد نتّفق مع ذاك الفنان الانكليزي، الذي اعتبر بأن لنا جميعاً، وسواء مبدعين ومفكرين أو أناس عاديين:
“لنا جميعاً آلات سفرٍ عبر الزمن.. منها ما يعيدنا إلى الوراء وتلك اسمها الذاكرة، ومنها ما يدفعنا إلى الأمام، وتلك نسميها الأحلام”…