الثورة – رنا بدري سلوم :
لم يتنعّم الأديب الراحل معبد الحسون بالحرية التي عاشتها سوريا، ولا سيما أنه دفع ثمن الحرية من عمره سنوات طوال قضاها في أربعة سجونٍ هي فرع فلسطين للتحقيق الذي يحمل الرقم 235 وسجن المزّة العسكري، وسجن تدمر، وسجن صيدنايا العسكري، ودفع ثمن ذلك اثني عشر عاماً من عمره بين 1978 و1991.
وثّق الراحل تجربة ما رأى كشاهد سجين حيّ ، فكتب روايته ” قبل حلول الظلام” رافق الرواية صور المعتقلين الذين يتحدّث عنهم، وبعض صور جلاديهم، من ضباط مخابرات وقضاة، بالأسماء الحقيقية الكاملة لهم، تُثبت الرواية مقولة “الواقع الذي يفوق الخيال” حيث لم يحتج الحسّون في ظل قسر ظلام العمر الذي يقترب، سوى إفلات يده من على مزلاج ذاكرته لتنفجر، ناشرةً هول ما جرى على يد النظام الأسدي بصورة جميع الجلادين وضباط التحقيق والقضاة الذين يتعاملون مع أبناء بلدهم، وقد صار الدم ماءً، كحشراتٍ وفئران تجارب للأسلحة الكيميائية.
ودّعته الأوساط الثقافية والسياسية، أمس، مفارقاً حسون الحياة في منفاه بفرنسا بعد رحلة نضال طويلة ضد الاستبداد.
وقد عرف عنه وهو المولود في مدينة الرقة عام 1957، بمواقفه الجريئة في مواجهة نظام الأسد المخلوع، ومنذ انطلاق الثورة السورية عام 2011، كان الحسون في مقدمة الصفوف، منظماً للمظاهرات في الرقة، وداعماً للجهود الإغاثية والإنسانية، قبل أن يضطر للجوء إلى تركيا عام 2014، ومنها إلى فرنسا في 2016، حيث واصل نضاله بالكلمة والقلم.
ترك الحسون إرثاً أدبياً وسياسياً غنياً، من أبرز أعماله رواية “قبل حلول الظلام” وكتاب “الرقة والثورة” الذي فضح من خلاله الروابط الخفية بين تنظيم “داعش” وأجهزة الأمن السورية.
كما كتب رواية “الحرب” وسيناريو عن سقوط الرقة بيد “داعش”.
وبرحيل معبد الحسون، يفقد السوريون أحد الأصوات الحرة التي حملت معاناة الناس وأحلامهم بوطن حرّ حتى الرمق الأخير.