الثورة – آنا عزيز الخضر:
عندما نقترب من عوالمهم يسرقنا الزمن من حاضرنا، ويأخذنا في غفلة من أحاسيسنا إلى مشهد يكتظ بالجمال والجهد المتداخل مع الرغبة بالعطاء، وتحويل الشقاء إلى حالة مزدهرة بالموهبة التي يكمن فيها جمال فريد لا يخبو مهما توالت الأيام عليه، لتبقى أعجوبة العراقة، إنه عالم الصناعات اليدوية في دمشق.
من هذه الصناعات حرفة “النقش على النحاس” وزخرفته، الأخوان محمد وزياد الشايب، متألقان في فن النقش على النحاس وتفريغه، ومتميزان في مهنة عريقة تعود لمئات السنين.
حول هذا تحدث محمد الشايب لـ”الثورة”: إن هذه الحرفة الدمشقية العريقة عمرها مئات السنين، وقد توارثناها عن الآباء والأجداد، وبدأنا بممارستها عام 2006 حين كان عمرنا أنا وأخي لا يتجاوز العشر سنوات، ومنذ ذلك الوقت ونحن نعمل بها بكل جد ومثابرة وهمةٍ للحفاظ على هذا الفن وتطويره، حتى صار لنا نحو عشرين عاماً من الخبرة المتواصلة.
وأوضح أن الحرفة بدأت بصناعة فوانيس الزيت “الكاز” التي كانت تُضيء بيوت دمشق القديمة، ويعرف من يشعلها ويطفئها يومياً باسم “الدومري”.. ومع تطور الزمن، تحولت هذه الفوانيس إلى ثريات وقطع ديكور مزودة بأساليب إنارة حديثة، فجمعت بين الطابع التراثي والجانب الجمالي.
وتابع الشايب القول: إنه رغم دخول تقنيات مثل الحفر بالليزر والآلات الحديثة، بقيت الحرفة محافظة على أصالتها، ولا يزال الطابع الدمشقي في تلك النقوش والرسوم الهندسية الإسلامية التي تزين القطع المعروضة، كدليل على عراقة هذا الفن وبقائه متجدّداً.
ويؤكد الأخوان محمد وزياد أن هدفهما ليس مادياً، بل أيضاً إيصال رسالة مهمة عن أهمية الحفاظ على الحرف اليدوية كجزء من الهوية السورية، وفتح نافذة للتواصل مع الناس ولفت النظر على أن سوريا أم الحضارات.
ويختم بالقول: إن القطع النحاسية المنقوشة بإتقان، شدت إعجاب المريدين بدقة العمل والحرفية العالية المستوى، متمنياً توسيع ورشته وتدريب جيل جديد من الشباب ليستمر هذا الفن الدمشقي العريق عبر الأجيال.