كنا قد ناقشنا سابقاً دور مشروع قانون الموازنة العامة للدولة في الدعم الاجتماعي المفترض أنه سيقدم خلال العام القادم وفي هذا الإطار تحدث السيد وزير المالية عن الموضوع عبر لقاء صحفي حيث أكد أن الدعم الاجتماعي يعالج بطريقتين: الأولى تتمثل برصد قسم من الدعم ضمن اعتمادات الموازنة العامة للدولة وهو الدعم المتعلق بالصندوق الوطني للمعونة الاجتماعية، صندوق دعم الإنتاج الزراعي، صندوق التخفيف من آثار الجفاف، صندوق التحوّل للري الحديث، الدقيق التمويني، السكر والرز والمشتقات النفطية.
هذا القسم الذي تتم معالجته ضمن اعتمادات الموازنة العامة للدولة، وقد رصد له مبلغ4927 مليار ليرة، مقابل 5529 مليار ليرة في عام 2022، أي بانخفاض قدره 602 مليار ليرة، نسبته 10. 8بالمئة، وهو لا يعني… على حد تعبيره… أبداً تخلي الدولة عن الدعم، وإنما يتعلق بدعم الدقيق التمويني، الذي ستتم تغطيته من خارج الموازنة، عن طريق القروض التي ستمنح لمؤسسة الحبوب من البنك المركزي.
أما الطريقة الثانية، فتتمثل بمعالجة الدعم من خارج اعتمادات الموازنة، وذلك ضمن إطار سلسلة التشابكات المالية بين مؤسسات الدولة، وهو المتعلق حصراً بدعم الطاقة الكهربائية، والمقدّر بحوالي 4412 مليار ليرة، مقابل 3652 مليار ليرة عام 2022، أي بزيادة نحو 21 بالمئة.
إذاً، الدعم الاجتماعي الإجمالي الذي سوف تتحمله الحكومة خلال العام القادم يقدّر بنحو 13565 مليار ليرة، مقابل 9181 مليار ليرة في عام 2022 وبالتالي فإن الدعم الاجتماعي الإجمالي لم ينخفض أبداً، بل ازداد خلال العام القادم بمقدار 4384 مليار ليرة، بنسبة 47,7 بالمئة، وهذا ما يؤكد استمرار الدولة بتقديم الدعم الاجتماعي للمواطنين.
بالنتيجة والكلام للسيد الوزير فإن الدعم الاجتماعي لم ينخفض، بل ازداد، لكن طرق معالجته تختلف ما بين اعتمادات ستصرف من الموازنة وقسم آخر عن طريق القروض، وقسم عن طريق التشابكات المالية.
من خلال ماتقدم نجد أن الدعم الاجتماعي العام القادم لن يكون كما عهدناه أو بمعنى أصح كما نتمنى ومن المؤكد أن ماتطرق له السيد وزير المالية يدحض الإشاعات التي بدأت تتناقلها الألسن حول نية الحكومة في تقديم الدعم الاجتماعي بشكل مادي بحت وهو أمر منطقي ولا جدوى منه ولكن مايثير القلق يتمثل في تخلي الجهات المعنية عن مفهوم الدعم الاجتماعي بشكله التقليدي لتتحول إلى الاستراتيجيات طويلة الأمد وغير المنظورة أو الملموسة على أرض الواقع خاصةً من الفئات المستهدفة أو من المفترض أنها مستهدفة التي لايعنيها دعم الإقراض المصرفي لفئة معينة من المشاريع أو معالجة التشابكات المالية بين الجهات المعنية في وقت جل اهتمامها تأمين سبل العيش وحاجاتها الأساسية من غذاء ودواء وتدفئة وكساء.