الملحق الثقافي- نبوغ محمد أسعد:
في الكتاب قراءات نقدية تتناول تجارب ثلاثة شعراء واضح أن لهم أثراً نفسياً معيناً في مساحات خيال إياد مرشد مما دفعه لانتقائهم معاً.
ولابد من أن ندرك أن هؤلاء الشعراء كل واحد منهم ينتمي إلى مكان مختلف عن الآخر، وبيئات لعبت دوراً مهماً في تكوين شخصية كل شاعر لتكون هويته في عالم الأدب والشعر، وتعكس ما يقدمه فكرهم عن ثقافتهم التي لعبت دوراً في مكوناتهم الثقافية، ومن خلال قراءة الكتاب نجد أن العاطفة متغلغلة فيما يقوله الناقد، وهذا يعني أنه ثمة انعكاس عاطفي في ذاته التي دفعته للكتابة، وإن كان النقد يحتاج في أغلب الأحيان إلى التخلص من العاطفة، ولكن استطاع مؤلف الكتاب أن يبرمج ويمنهج السلوك العاطفي والعقلي معاً.
ويحرص إياد مرشد أن يقدم مقاربة بين ظروف الأدب العربي والآداب الأخرى من خلال ما هو موجود في كتابه، فوجد في ما كتبه كونثالوروخاس تجربة إنسانية طويلة فهو من أهم الكتاب في تشيلي ويشبه في كتاباته التجارب العربية في الألم لكنه يركز في كتاباته على آثار أخرى مثل السريالية التي لم تكن حائلاً بين شعره وبين ناسه، ولا سيما أنه ظل قريباً من الانسان الذي هو محور الحياة على وجه الطبيعة واللاعب الأكثر أهمية فيها مستشهداً بقصيدته طبيعة الضجر التي نقتطف منها ..
لاخبز العقل ولاخبز الجنون
لا الفكر الصلب ولا الفكر السائل
يعرفون عن الإنسان مثل جمجمة
غيمها الملل.
أما اختياره إلى شاعر التغريبة الفلسطينية حنا جاسر ذلك ليسلط الضوء على استمرار الشعر المقاوم وعدم اقتصاره على كمال ناصر وغيره من الشعراء الذين تركوا آثارهم في تاريخ القضية الفلسطينية ومعاناتهم الإنسانية حتى هذا اليوم، وحنا جاسر هو شاعر عاش كل آلام فلسطين ووجعها والتقت طموحاته مع رفاقه الساعين للحرية والانعتاق من الاستعمار البريطاني والاستيطان الصهيوني، وكان صديقاً لكمال ناصر ونشر في عدد من الصحف العربية وكتب آلامه بأكثر من لغة إضافة إلى العربية.. مثل الإسبانية، ولكن نكبة الشعب الفلسطيني تركت ألما كبيرا في قلبه وانعكست تلك الآلام في أشعاره فيقول في قصيدته هراء:
إني أتوق إلى الزوال
وأشتهي وجه الفناء
فلقد وجدت العيش في الدنيا
بلا وطن هراء
وذهب إياد مرشد الى سخرية الوصف عند صقر عليشي وفرق بينها وبين ما كتب في القديم من سخرية وخاصة في الهجاء الذي لا يأتي كردة فعل، بل هي تعبير عن عمق في التفكير ومقاربة للموضوعات فاقترنت بحسب ما جاء به مع الوصف بشكل غير محدود النهايات بانتقاء للعناوين والحركة الشعرية كما جاء في قصيدته التي عنونها بالمفاتيح يقول فيها:
ها هي كل المفاتيح
في قبضتي
ولا ثم باب
ما عملي بالمفاتيح
ما نفعها !
ما دلالتها في الحساب ؟!
وهي من مجموعته (معنى على التل) التي تتالت بها القصائد الساخرة والعناوين المثيرة والبناء الشعري المتماسك، حيث تمكن الباحث مرشد من طرح ما يريده من أفكار بشكل يتطابق تماما مع الشواهد وما أوردناه ما هو إلا جزء من الانطباع النقدي الذي أورده الباحث بشكل جديد غير مطروق في فاتحة لأسلوب آخر للبحث الأدبي.
وجاء في كتاب إياد مرشد المطبوع في دار سين للثقافة والنشر والإعلام عدد من النصوص التي انتقاها للشعراء الذين قدم انطباعه البحثي والدراسي عنهم ليؤكد ما أشار إليه وبينه في طرحه.وجاءت هذه القصائد في مجملها مشكلة حالة شعرية متفردة لأنها تناولت كل المواضيع الإنسانية والاجتماعية بقالب فني جمالي مكسوو بجماليات الشعر ومقوماته العالية وفنونه الجميلة المعبرة عن مشاعر وأحاسيس جاءت لردات فعل للشعراء وهم في أوج حالاتهم النفسية المختلفة وبمصداقية الكلمة الموجعة حد الألم وحد الشغف والمتابعة.
العدد 1119 – 8-11-2022