الثورة – ناصر منذر
بعد 52 عاما من عمر التصحيح المجيد الذي قاده القائد المؤسس حافظ الأسد، تثبت الأحداث الراهنة بأن الاستمرار بنهج التصحيح يمثل ضرورة وطنية ملحة، لأنه يقوي من عزيمة السوريين، ويزيد إرادتهم صلابة، ويعزز صمودهم، حيث كرس التصحيح ثقافة الصمود والمقاومة كمنهاج حياة، ونهج سياسي واستراتيجي، يتجلى اليوم في مواجهة الشعب السوري للحرب الإرهابية وتداعياتها على مختلف الصعد، فتظهر إنجازات الحركة التصحيحية بكل تجلياتها عبر ترسيخ الوحدة الوطنية ولحمة الجيش العربي السوري مع الشعب في وجه العدوان بمختلف أشكاله، وكان لصمود السوريين الأثر الكبير في إسقاط المشاريع الاستعمارية الجديدة واحدة تلو الأخرى.
فاليوم، وبعد مرور أكثر من 11 عاما على الحرب الإرهابية لم يستطع أعداء الوطن النيل من عزيمة السوريين التي أدهشت المراقبين والمتابعين، فكان التفافهم حول جيشهم البطل، ودعمهم اللا محدود له تجسيدا للنهج الوطني الذي كرسته ممارسات ونضالات مديدة، شكلت عقيدة وقاعدة للعمل منذ انطلاق فجر التصحيح وحتى اليوم، إذ تراكم سورية بشعبها وجيشها وقائدها انتصاراتها، وتتجه بخطوات ثابتة نحو إعادة الإعمار وبناء المستقبل، بالتوازي مع التوجه الواثق نحو النصر على أعتى حرب عرفها التاريخ المعاصر.
الحركة التصحيحية مستمرة بإنجازاتها، فهي كانت محطة مفصلية في تاريخنا الحديث، حيث باتت سورية الرقم الأصعب في المعادلات الإقليمية، والرقم العصي على التجاهل والتجاوز في كل ما يتعلق بشؤون المنطقة، كما أرست قواعد العمل المؤسساتي وبنت الدولة الحديثة وأنشأت جيشا عقائديا قويا أظهر أهمية سورية وطاقاتها، وعززت مكانة الوحدة الوطنية، والإنجازات التي حققتها سورية عبر الـ 52 عاما الماضية لم تقتصر على المجال الداخلي بل جعلت من القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية وبوصلة النضال ضد العدو الصهيوني، ولذلك فإن الحرب الإرهابية التي تتعرض لها سورية هي إحدى المحاولات الرامية لإسقاط دورها وثنيها عن مواقفها الوطنية والقومية الثابتة.
وهنا لا بد من ذكر حرب تشرين التحريرية التي هي إحدى نتاج التصحيح المجيد، فهذه الحرب أعادت للجندي العربي ثقته بنفسه وأسست لقيام جيش وطني عقائدي، إيماناً بضرورة حماية حدود الوطن وفرض حالة الأمن والاستقرار فوق ربوعه، وقد أكدت حرب الإرهاب الحالية على سورية أنها تهدف للثأر من انتصار الإرادة العربية في تشرين وضمان “أمن إسرائيل” وتغيير موقف سورية من قضية الصراع العربي الإسرائيلي.
منذ انطلاقة الحركة التصحيحية التي عززت دور سورية المقاوم في المنطقة، ورسخت مواقفها الرافضة لكل أشكال التنازل والتفريط بالحقوق العربية، لم يتوقف التآمر عليها، ولكنه يزداد شراسة اليوم في ظل تصاعد البلطجة الأميركية الساعية من ورائها واشنطن لتكريس وجودها الاحتلالي في جزء من الأرض السورية، وسرقة المزيد من ثروات الشعب السوري، ومن خلال السعار العثماني المحموم الذي يقوده اللص أردوغان لتوسيع أطماعه الاحتلالية، وكذلك من خلال استغلال الكيان الصهيوني الحرب الإرهابية لشن المزيد من اعتداءاته الغاشمة، بالإضافة إلى تحول بعض الأنظمة المستعربة إلى أدوات لتنفيذ المخطط الصهيو أميركي، والذي تتعدد الأطراف المشاركة فيه دوليا وإقليميا وعربيا، ولجوء المحور الداعم للإرهاب إلى مختلف أساليب الحصار والعقوبات الاقتصادية والسياسية، والتحريض الإعلامي، واستعمال أدوات داخلية انفصالية تتلقى دعما متعدد الجوانب لتحويل سورية إلى الفوضى والمس بأمن واستقرار المجتمع فيها عبر عمليات التخريب والقتل والتدمير.
رغم حجم المؤامرة، وشراسة الحرب الإرهابية، إلا أن سورية تكمل اليوم مسيرة التصحيح بدماء أبنائها وإخلاصهم ووفائهم لدماء شهدائها الأبرار، مؤكدة تمسكها بثوابتها بالدفاع عن الوطن، وهي ماضية في حربها على الإرهاب حتى اجتثاثه من جذوره، واستعادة كل شبر ما زال تحت سيطرة الإرهابيين وداعميهم من الاحتلالين الأميركي والتركي.
السابق
التالي